2006-11-29

لغز

من الأرض،
منها و اليها نعود
و من البحر
فيه ندفن و منه نولد
و من أعماق النفس
حيث نسكن
و نتخذ وضع الجنين
حين......

2006-11-27

رسالة من خلف القضبان (3)

بعد مجهود طويل و تعب, توصلت إلى حقيقة -لا مفر منها- مفادها أن استخدام الإنسان لعقله و تعبيره الحر عن رأيه -في بلادنا- أخطر بكثير من إعتداءه على ممتلكات الغير أو اتجاره في السموم و مغيبات العقول؛
كانت <روضة> -كعادتها- في إنتظاري عندما ذهبت إلى جلسة التجديد الثانية يوم الأربعاء الماضي, لا أعرف كيف أشكرها على مساندتها لي في هذا الظرف الحرج خاصة أنها تحضر من القاهرة خصيصاً لحضور جلسات التجديد معي, و لكن موقفاً حدث لي قبل أن التقيها أثناء تواجدي في حجز نيابة محرم بك, كانت يدي اليسرى مقيدة بيد سجين آخر متهم في قضية سرقة عندما بادر المسؤل عن مقر الإحتجاز بتفتيشنا, إستخرج الرجل قلمي و انحاه جانباً مصادراً اياه فإعترضت بشدة لإدراكي أن الأقلام ليست من الممنوعات التي لا يجب علي الإحتفاظ بها, و حدثت مشادة كلامية بينه و بيني إنتهت بتعامله معي بعنف و دفعني بكلتا يداه مع السجين الآخر نحو سلالم الحجز, هوينا سوياً لعشر درجات متوالية و أدى الإرتطام العنيف إلى إحداث خدش طفيف بالقرب من رسغ يدي اليمنى, و تورم ملحوظ في قدمي اليمنى أدى إلى صعوبة سيري عليها وقتها, و إن كان الألم قد بدأ يخف عنها الآن.
قبيل الجلسة أخبرتني <روضة> أن <سارة> و <هيثم> سيلتقون بي, حضرت <سارة> بعد لحظات تبعها <هيثم> و تحدثت معهما لبعض الوقت قبيل أن ينادى عليَّ للدخول إلى مكتب قاضي المعارضات, حاولت أن أشرح له ظروف احتجازي السيئة و كيف أنني أعيش في مكان واحد مع المجرمين و اللصوصو مدمني المخدرات و بعضهم لا يتورع عن فعل أي شيء في مقابل سيجارة يدخنها أو قرص مخدرات يتعاطاه, و طلبت <روضة> منه إطلاق سراحي على إعتبار أنه لا خوف عليَّ من الهرب, فأنا الذي ذهبت بنفسي إلى النيابة للتحقيق معي و لم يتم ضبطي و إحضاري, و لكن الرجل لم يابه بكل هذا و قضى عليَّ بالحبس لخمسة عشر يوماً أخرى. قامت <روضة> -مشكورة- بإستئناف قرار الحبس هذا و حضرت معي في اليوم التالي (الخميس) جلسة إستئناف قرار التجديد بمجمع المجاكم بالمنشية, و كان <شبح> مقال محرم بك لي بالمرصاد ووجهت بإحدى فقراته خلال الجلسة و إنتهى الأمر بقبول الإستئناف شكلاً و رفضه موضوعاً و تأييد حبسي لخمسة عشر يوماً تنتهي في السادس من شهر كانون الأول (ديسمبر) المقبل, و انهى القاضي حديثه معي بالقول: أنت ممن قيل فيهم <ختم الله على قلوبهم و على سمعهم و على أبصارهم غشاوة و لهم عذاب عظيم>!!!,
و إتضح لي أن القاضي يتعامل معي من منطق ديني صرف في الوقت الذي يفترض فيه أننا نعيش في دولة مدنية لا علاقة و لا صلة تربط بين الدين و القوانين المطبقة فيها و لكنه الغلغل المقيت للتيارات الدينية المتطرفة في المؤسسات الرسمية و الذي بدا لي جلياً من موقف وكلاء النيابة في محرم بك و القضاة الذين أيدوا حبسي. عليَّ إذن قضاء فترة أخرى في حجز القسم أنا على يقين أنها ستطول لتعنت القضاة ضدي و مواقفهم المنطلقة من قناعتهم الدينية ضد من يختلف عنهم بصددها, فكما حاولت التكيف مع الأمر في البداية عليَّ أن أعوِّد نفسي عليه لفترة قابلة للزيادة, و عليَّ أن أحتمل المشاهد الكفيلة بتحطيم الأعصاب و التي أراها يومياً حولي في صورة أشخاص دمرتهم المخدرات و حولتهم إلى أشباح تسير على قدمين, كما علي أن أحتمل مشاهد إيذاء البعض منهم لأنفسهم للهروب من الترحيل إلى السجن و التي تجلت أبشع صورها في حقن أحدهم لنفسه بحقنة ملوثة بالبراز في قدمه و هو الأمر الذي كاد أن يتسبب في تلفها لولا أنه نقل إلى المستشفى بعد إستئذان النيابة و علاجه, و آخر حاول كسر يده عن طريق إغلاق باب الحجز الحديدي عليها, و آخر قام بابتلاع قدر لا بأس به من الأمواس و المسامير المعدنية!!. و عليَّ أيضاً أن أتحامل على نفسي و أقلل قدر الإمكان من تناول الطعام حتى و إن أدى الأمر بي لتنفيذ إضراب غير معلن حتى أتفادى إستخدام دورات المياه القذرة قدر الإمكان و التي لا أجدها تصلح على الإطلاق للآدميين.
عليَّ بكل -بساطة- أن أعيش حالة من الكمون أو البيات الشتوي حتى أجعل أيامي تمر على خير في هذا المكان الذي أدرك تمام الإدراك أنني لا أستحق المكوث فيه للحظة واحدة, و لكني -مع الأسف الشديد- أوجِدت في المكان الخطأ, حيث يعامل من يحرر عقله من القيود التي يفرضها من حوله عليه معاملة المجرمين و من يمثلون خطورة كبيرة على الأمن العام للبلاد و عليَّ أن أتحمل حتى تنتهي هذه المحنة التي لم و لن أكون أول أو آخر من يتعرض لها طالما ظل هذا الوضع الوأسوي المؤسف في بلادنا على ما هو عليه. دائماً تصلني عن طريق بعض الأصدقاء الذين يزورونني في القسم أو من ألتقي بهم أو أهاتفهم خلال جلسات التجديد تحيات بعض الأصدقاء الآخرين الذين يعيشون خارج مصر, و قبل جلسة التجديد الأخيرة وصلتني من الصديق التونسي العزيز <عماد حبيب>, عاتبني فيها على تمسكي بمواقفي في هذا التوقيت الحرج أمام من لا يقدرونها و طلب مني أن أفعل ما بوسعي كي يطلق سراحي, في الحقيقة أثرت في الرسالة كثيراً و لكنني فيما بعد أدركت أن الأمر لم يعد في يدي, فنيَّة الإنتقام مني مبيتة من قبل القضاة الذين ينظرون في قضيتي و التي تحولت على أيديهم إلى نوع من الجهاد ضد إنسان لا يملك سوى قلم عبر به عن رأيه الحر دون أن يضع في إعتباره أية ثوابت أو مسلمات, فهذه هي جريمتي التي أفخر بارتكابها, و قد يتصور بعضهم أن مثل هذه الإجراءات العتيقة قد تجبرني على العدول عن مواقفي و هو تفكير سطحي للغاية حيث أنها لا يمكن أن تتغير إلا عن طريق الإقتناع الكامل بضرورة تغييرها, كما أن القمع لا يمكن أن يؤتي ثماره مع من يضع عقله قائداً له و محركاً لأفكاره, و الأمثلة على ذلك كثيرة و لست أول من يثبت على ما هو عليه رغم المعاناة و الظلم و الألم.
أتمنى مغادرة هذا المكان في أقرب وقت, حتى و إن كانت مغادرتي إلى السجن, فلا أعتقد أنه سيكون أسوأ حالاً من هذا المكان اللاآدمي, فعندما إعتقلت العام الماضي لم بكن الأمر سيئاً كما هو معي الآن, أتمنى أن يحدث المستحيل و أتحرر في أقرب وقت فلم أعد أحتمل أكثر من ذلك, أخشى أن يصيبني مكروه هنا خاصة أنني في مكان يسهل فيه إنتشار الأمراض المعدية و لا يدخله الهواء النظيف إلا بالكاد, أصبح الأمر فوق كل الإحتمالات خاصة أن أحد الضباط طلب مني الإنتقال إلى الغرفة المزدحمة التي كنت فيها في بداية الأمر و إنتقلت بالفعل, أخشى أن يصل بي الأمر إلى فقدان الرغبة كلياً في الحياة و لست معتاداً على تقييد حريتي في مثل هذه الأماكن القذرة الغير صالحة للحياة الآدمية على الإطلاق. من حجز قسم شرطة محرم بك
عبد الكريم نبيل سليمان -
الجمعة 24\11\2006م

2006-11-26

البحث عن سعيد مرزوق

اختار من الألوان أقربها إلى قلبه
الأزرق
و من الأوقات أقدسها
الفجر
و من الصور أصدقها
العري
و سار باحثا في شوارع المدينة عن ميناء
فلم يلق سوى الرمل
::::::::::
نزلت من عن حصانها و لبست جسدها المترهل و وجهها البشع
و تقيأت سما
:::::::::::
كوكتالا من التخلف و التصوف و معادة اليهود
و الأقنعة الفارغة
::::::::::
نزلت مطر
طهرته من كل ذلك القرف
فأحس برغبة أن يكتب أغنية للحياة و الجمال
و الطهر و النقاء
أغنية بلون سفينته العالية
:::::::::
جنوبي أنا
ظل نخلة على الثلج
صفاء جدول برائحة الماء
شمس نهار ببرتقالة شاردة
لتعتصرني الأرض نبيذا
و ليشرب نخبي الباحثون
عن الحقيقة الغائبة

2006-11-24

مرآة



-هل تريد قليلاً من البحر ؟
-إن الجنوبي لا يطمئن إلى اثنين يا سيدي
البحر و المرأة الكاذبة.-سوف آتيك بالرمل منه


وتلاشى به الظل شيئاً فشيئاً

فلم أستبنه.


-هل تريد قليلاً من الخمر؟





-إن الجنوبي يا سيدي يتهيب شيئين :
قنينة الخمر و الآلة الحاسبة.
-سوف آتيك بالثلج منه


وتلاشى به الظل شيئاً فشيئاً
فلم أستبنه


بعدما لم أجد صاحبي

لم يعد واحد منهما لي بشيئ


-هل نريد قليلاً من الصبر ؟





-لا ..
فالجنوبي يا سيدي يشتهي أن يكون الذي لم يكنه


يشتهي أن يلاقي اثنتين:

الحقيقة و الأوجه الغائبة.
أمل دنقـل

2006-11-15

زمن النهاية

كوجه بائس ارسل لي بعد غياب يقول
:
مرة اخرى حزن
طابت اوقاتك ايها المغربي العاق ، ودعني ارتب سلاما خاصا وأصفه لك حسب ما تمليه اللياقة من شخص حزين مثلي وأقول، أيتها التحية النرجسية أنه لا يلقي بالا لاصدقاء العداوة ولا يكترث الا بالعاهرات ،، وقل أن تجديه في حالة الصحو من السكر،، فإذا اردت ان تبحثى عنه فحاولي ان تزورى اقرب بار او ان تعرجي على مصلحة البلدية لعله يحاول ان يرمم احلامه المكسورة
عفوا ايها الصديق ان اخبرت تحياتي باسرار العائلة المرموقة واخبرتها ان الانجاب عادة لا يمارسها الا الاغبياء ولكنك عادة ما تحاول ان تزرع الكلمات قرب احد الاضرحة في حي الذي ضفر الشيب في لحيته العادة في السؤال عن الاخبار هي التي انستني فعل ذلك ،،
ولكنني اقول كيف حالك ايها المغربي العاق لاصدقاء العداوة ،، ولم تنقطع اخبارك عني مستعينا بمقصلة حادة ،، ان الامر لا يستحق سوى كلمة صباح الخير ايها الليبي الوغد ،، وعندها لن تسمع مني خطبة طويلة في شتمك ومرة اخرى حزن مثلج ،، وعبق من اقصى الحكاية يزور فؤادي واقول انه سيبعث برسالة يطمئن فيها علي او ليقول انه ما يزال بخير ، بما انني اعجز عن ايجاد الوقت لافعل ذلك ،،
ولاكنه حزن ابيض هذه المرة
صديقك منذر دائما ما يسالني عنك ،، ودائما ما ابادر في شتمك واقول له دعك من هذا الاحمق ، انني اتميز من الغيظ كلما تذكرتك ،، وهو دائما ما يرسل لك تحياته الطيبة عبر ساع بريد فاشل مثلي صديقي عماد،، او ماذا تريدني ان اقول لك؟ اذا جفت كلماتي واستعصى علي الحال بان اكتب لك اراك بخير.......................................................................
صديقك الذي عرفته لاول مرة باسم " الله اكبر "
هو صديق قديم لا أعرفه اسمه غوار دائما ما يدهشني ببلاهة مبدعة، لم استشره لأنقل رسالته و لا ردي عليها، ربما لأني لن أجد شيئا أنهي به تجربة التدوين أفضل من هذا
:

اتعلم من زارني من خلال هذيانك غوار
?

في مدينة لوزان بسويسرا هناك بحيرة زرقاء صافية، عميقة، سكونها صوفي، هدوئها كريبة المتحفز للحزن، ترمي عليها الشمس لون برتقالة عند المغيب يختصر كل نهار افريقيا، طيف تلك البرتقالة أضاء مع حروفك لحظة ثم خفت و خلف مرارة بطعم عسل الغرانيق

تبا لك

ما تريد من كهل مثلي ؟
و ما يريد حفيد جاجامش من القاء التحية علي ؟

أخبره أني ابعث له و لك ما تبقى في كاس فودكا بعصير خوخ كنت اسخر منها أمس
أخبره أن قطيع عميان يبحث في الفراغ عن بطولة ترك في قعر الكأس ما يشبه الندم و الحسرة، ثم غم عليك واقعك و نم و احلم، و لا تشركني أحلامك كي لا تصير كابوسا، دع سارة بنت صاحب البار تسير فيها عارية على حصان كما في الحوت الوردي، و اسكر بالمشهد كالأرض و دعك مني
ما فائدة ما نفعل و نكتب؟

2006-11-13

زمن البداية





ميدعتك تلك
تلبس جسدك
و تضمك بقوّة
لدرجة أنّي كنت أراك عارية

و ملامح الطفولة تلك
لم أخبرك قبل الآن و لكني
كنت أكاد أجن

و نهداك صيف ونجوم بحر
و الخوف و الرغبة أن نكون لوحدنا
و قبلة على شفتيك
تكون نارا مزهرة
و حلم صحو أن نمارس الحب

أحبك صدقا
أحبك أقسم
أحبك أحبك فعلا

و أنت....

أنت تنضرين لي بشك
ثم تبتسمين حين تضمينني
جدا جدا
....و أنا


أنا لم أفهم شيئا
بما أني لم أكن أرى شيئا
و أنك كنت
حبا صغيرا عضيما
انت فقط حب صغير عظيم
و لا شيئ أكثر
لا شيئ أكثر

و أنا أشتاقك حد الموت
أشتاق
هذا الحب الصغير العظيم
الآن أعرف مذا أقول
لآن أعرف مذا أفعل
الآن حيث أريد حبا صغيرا عظيما


2006-11-10

يجب إنقاذ كريم عامر



في آخر حوار لي مع كريم عامر قبل ايقافه بيوم واحد، أي بعد التّحقيق الأوّل معه، أخبرني بشيئ لم أستوعبه ساعتها كما يجب. دار حوار بينه و بين المحقّق حول واقعة يهود بني قريضة، و كان كريم كعادته مندفعا، صريحا، قاطعا و موضوعيا، كما في كتاباته، و لم يجد المحقّق ما يقوله أمام اصراره أن نساء و أطفال و عوام القبيلة الذين بلغوا الحلم و تمّ قتلهم كلّهم، أنما لا ذنب لهم لأن القادة هم من يتّخذ القرار و لأنّ القادة هم من استسلم بعد أن أخذوا الأمان. قلت له باستهزاء: ما كان يجب أن يحقّقوا معك أصلا، ثم بقلق حقيقي: لا أطمئن لأسئلة من هذا القبيل، خلي بالك من نفسك.

هاتفته من الغد فكان هاتفه مغلقا، ثمّ علمت أنه رهن الإيقاف، لم أصدّق، فليس في القضية كلّها ما يستوجب الإيقاف. هل سيتهمونه بتهمة التفكير ؟ ربّما. هاتفت محاميته بعد أن أكّدت لي صديقة مشتركة أنّه سيقضي ليلته في السجن. حاولت المحامية طمئنتي قائلة هو بخير، فقط رهن الإيقاف لمدّة خمسة عشرا يوما على ذمّة القضيّة. هكذا و بكلّ بساطة.

عبد الكريم نبيل سليمان ليس موقوفا بتهمة التكفير. و لو كان تكفيريّا لقامت الدنيا و لم تقعد دفاعا عن حقوق انسان لا يؤمن بها اصلا، و لكن انتمائه لهذا الفكر كفيل بتفعيل كلّ شبكتهم الإعلامية. هو فقط متّهم بالتفكير، فرقت ترتيب حرفين، و هذا يعني ببساطة، أنه أخطر بنظر البعض من كلّ التكفيريين الذين يكتبون و يذيعون و ينشرون و تستضيفهم الفضائيات كنجوم. أنّه أخطر و أنّ جرمه أكبر. و أنّه تجاوز خطّا أحمر اسمه : الأزهر.

كريم عامر لم يدعوا يوما إلى كره، أو تفرقة طائفيّة، بل كان دوما مدافعا عن الأقليات، بدون استثناء. عن حقوق الإنسان و عن الحريّات. عن قداسة الإنسان، و قداسة حريّة التفكير بعيدا عن الخرافات و سلطة الدولة و سلطة العمائم، و الغريب أن العمائم هي التي كان لها اليد العليا في سجنه هذه المرّة. لذلك يجب إنقاذ كريم عامر.

أعلم أنّّها ليست سابقة في مصر أو في كلّ شرقنا المنكوب. و لكنّ هذا المسلسل السخيف يجب أن يتوقّف يوما. فمن الغير معقول أن يتم ايقافه لمقال انتقد فيه الأزهر، في حين لم ينبس أحد ببنت شفة و نائب إخواني يفتي بقتل رئيس الوزراء و وزيرين آخرين لأنهم من وجهة نظره يهاجمون الإسلام، في سابقة خطيرة جدا و ذات دلالات لا تخفى على أحد، و غياب مريع للدولة. لذلك و إن عجزنا أن نتصدّى لنائب يفتي بالقتل و الارهاب و الفتنة لأنّ سيادته رأى أن الإسلام يهاجم، و أن رأيه هذا يستحق إراقة الدماء و طظ في مصر و الي جابو مصر، فليس أقل من أن ننقذ كريم عامر، على الأقل لأنه رمز و أمل.

كريم رمز جيل من الشباب يفكّر بطريقة صحيحة، قد لا نوافقهم على كلّ أفكارهم لكنّنا ننحني احتراما لموضوعيّتهم أو على الأقل لقبولهم للآخر و للرأي المخالف و لشجاعتهم. و هو و أمثاله من المدوّنات و المدوّنين أمل حقيقي في التحرّر من سيطرة قمع الدولة و احتكارها و كذلك الرقابة الدينية المتخلّفة التي آلت على نفسها خنق كلّ ابداع أو تفكير مختلف، ربّما ، بل حتما، للحفاظ على مناخ فكر هي لا تعيش الا به.


أكتب و ليس عندي ما أفعله من هنا سوى الكتابة و مهاتفته يوميا لعلّه قد تمّ الافراج عنه. عزائي أنّه أكّد لنا أنّه بخير و يحسنون معاملته. و لكني مصرّ أن مكانه ليس في السجن، و ليس في ما كتبه و انتقد فيه الأزهر ما يستوجب اعتقاله، هو لم يدعوا لا لكره أو تعصب أو قتل، هو لم يكفّر، هو فقط فكّر. لذلك وجب اخراجه من هناك، فبإنقاذه، ننقذ أنفسنا و احترامنا لأنفسنا
.

عمارة يعقوبيان

2006-11-08

مثلما تكونون يجزّر عليكم


سأشرب اليوم نخب نظرية المؤامرة حتى الثمالة،هل وصلنا إلى تلك الدرجة من الانحطاط حقّا ؟ لم أصدّق أنه مرّ علينا و على مدى عشر سنوات كل ذلك الكم من القاذورات على قناة الجزيرة. ألا تبّا لثقافتنا و تاريخنا و تراتثنا و نخوتنا و شهامتنا حين تكون النتيجة أن نجعل الزرقاوي قديسا و نفخر برثائه، و ابن لادين مجاهدا مثله مثل حسن نصر الله، و طالبان أخوة اجتهدوا و اقاموا دولة. لمصلحة من يتم ذلك ؟ مجرّد رغبة في الشهرة ؟ هل حالنا أفضل الآن ؟ و هل قدّمت الجزيرة اجابة واحدة أو حلا لأي مشكلة تواجهنا أم كانت عونا لاسيادها الأمريكان و الاسرائيليين علينا.


ان كنت من السذاجة بحيث تصدق أن الجزيرة مستقلة حقا، و أنها تمثل مشكلة لأمريكا و بريطانيا و أنهم فعلا أرادوا قصفها يوما. فأرجوك لا تواصل قراءة الموضوع و لا تقلق نفسك. هنيئا لكم بطولاتكم الاعلامية.


حلقة فيصل القاسم الأخيرة، وجدت فيها منجما للبرهنة على صحّة كلّ التهم التي تكال للجزيرة، برهانا على أنّهم وجدوا مرّة أخرى كيف يجهضون حلما و أملا و كيف يزرعون موتا و ارهابا و كيف يزوّقون كل ذلك بشعارات فارغة جوفاء لم تجلب سوى التخلف و الجهل و سوى آلاف الذين يرمون أنفسهم في البحر للفرار من جحيم هذا الشرق البائس. سوى ثوابت الأمة من تحجّر و معلوم من الدين بالضرورة و حكم عدم في الشرع و شريعة غاب تحت حكم الملالي أو جهلاء الأمة.


العربي المسلم في الجزيرة عادة يكون حافيا ملتحيا متأزرا أو لابسا جلبابا قصيرا، يحمل سلاحا او لافتة كتب عليها الى الجحيم ايتها الحرية، مستعد للقتل و الموت و تشويه الجثث، و كبار العرب هم الأبوات من أبو قتادة لأبو رجل مسلوخة و شيوخ جهلة لا تفقه غير كتب صفراء كتبت من قرون يسمون ذلك علما. أين احمد زويل أو فاروق الباز أو أي عالم حقيقي أو جراح حقيقي ؟ الطبيب الوحيد الذي تعرفه الجزيرة و تقطع برامجها لتصريح تافه يقول فيه أنه سيحرر الأندلس هو الظواهري، ما رأيكم ؟ هنيئا لكم الجزيرة. مثلما تكونون تكون الجزيرة أو يجزّر عليكم.


لطالما كنت متأكدا أن هناك تحالفا موضوعيا و مصلحيا بين الاخوان بكل تفرعاتهم و بين الامريكان، تخالفوا ضد عبد الناصر و ضد كل الانظمة القومية، الفاشية الدكتاتورية قطعا و المدانة و لكنها على الأقل كانت عروبية و حاولت أن تنمي أوطانها و لو قليلا، أو هكذا حاول جمال. اجتمع هؤلاء مع شيوخ جهلة يعيشون في غياهب التاريخ، جمعهم البترول، و حلم عقيم بالسلطة، و مصلحة أكيدة لأمريكا، اجتمعوا على مشروع واحد : دفن هذا الشرق في بؤس التاريخ و العادات و التقاليد المتخلّفة و التحجّر، في فتن و معارك كيخوتية و كلّ شيئ، كلّ شيئ يجعلنا خارج التاريخ و دائرة تقرير المصير و ، و هذا هو الأهم، التنمية و الاستفادة من ثرواتنا.


لطالما شككت في وجود الزرقاوي بدوري، و لكني أشهد لأمريكا أنها عرفت كيف تهزم صورة المقاومة اعلاميا و أنها وجدت منا من بارادته أو بجهله من خدمها و نفّذ لها ما أرادت. أشهد لها أنها حين أخرجت صدّام من حفرة، و أطلقت الجزيرة، حطّمت أشياء و فتحت الباب لتحطيم الباقي، لانتحار جماعي، لنقتل بعضنا، فدمنا رخيص و دم مرتزقتها أغلى كثيرا.و نحن نطبّل لحريّة اعلام و كسر احتكار السلطة له. نستحق الجزيرة اذا، بل و نستحق أكثر من ذلك
.

2006-11-05

أدريانو - الملك


ancora vivo

لازلت حيا

تقول كلمات الأعنية :

لا يجب اللعب بالأحاسيس

أنا لم ألعب قط

لكن لو اطلقت احاسيسك

فأية أضرار

لم أشأ أن أجرح أحدا

لكني فعلت

تعلمين

من يدري مذا ستعطين

فقد فات الأوان

كل ما بقي أعطيتك اباه

و اخذت مقابله

كما تعلمين

أكثر

أنت جئت حين لم أكن أنتظرك

أنت حياتي

أنت كل النساء

///

لازلت حيا

لازلت حيا

متوتر بداخلي لكن

عاشق

باعمق اعماقي

قليلا قليلا

متألم

لكني لازلت حيا

لكني أحبك

و حضورك يهوّن عليّ

////

دهشة الطفولة

تعود احيانا لتنفجر بقلبي

كلّما كنت قريبة مني

و احسست بنسمة عشق

و لازلت حيا

لازالت حيا

2006-11-03

الحوت ألوردي



السماء مزيّفة كما في الحكايات القديمة. و البحر يلملم زبده و يستعد لموعده مع السكون. أغلقت الباب خلفها و ألقت جسدها المترهّل على الأريكة فتموّج الشّحم الذي يكتنز في عجيزنها كما الموج. أطلّ عليها وجهها من المرآة المقابلة و ألقى عليها تحيّة بشعة. بعد حين تتحرّر من زمن المسخ، قالت لنفسها ساخرة بنصف ابتسامة، و قامت لسرّ كلّ ليلة.

حين يخلوا النوم من الحلم، و ككلّ ليلة، تلملمها خيوط العنكبوت كما شرنقة. و كما شرنقة بدأت تنزع عنها جسدها. تساقطت أجزاء مفتّة على الأرض، و تراكمت بلون حنطي، و خرجت من كلّ ذلك بجسد رشيق كنسمة صيف، أبيض كرائحة الياسمين، و وجه بجمال يقطع الأنفاس. سارت خفيفة نقيّة على ندى الغيمة التي تحمله لحصانها على الطرف الآخر من الوجود. امتطته عارية فلامس فخذاها رشاقته و شموخه.

تسائلت الأرض أيهما أجمل ؟ و أجّلت الجواب إلى حين، لتسكر بالمشهد.

واصل الحصان خببه و كبريائه، و فخره بما يحمل نحو الملكوت. و أنتفى الحد الفاصل بين شعرها و أحراش الغابة الظلماء التي تفصلها عن البحر.

(يتبع)