2007-02-19

الشرف و الباذنجان

تقول نكتة قديمة كنا نرويها أيام الباكالوريا أو الثانوية العامة، أن تلميذا خائبا استشار أحد المنجمين عن موضوع إمتحان مادة العلوم الطبيعية لتلك السنة، فأخبره أنه مادة القلب، فلم يفعل صاحبنا شيئا طوال السنة سوى أنه حفظ درس القلب دون سواه، و كما كان متوقعا جاء الإمتحان عن درس غيره، لنقل العين مثلا، فما كان منه إلا أن أجاب:
العين عضو مهم جدا في جسم الإنسان و لكن ذلك لا يجب أن ينسينا القلب، فالقلب كذا و كذا....
إلى آخر ما حفظه من الدرس.
كلما طرح موضوع الحرية و حقوق الإنسان و المواطنة كقيم كونية ننادي بها و نعمل لأجلها كلما زاد عدد الذين يقولون هذا كلام جميل و لكن لا يجب أن ننسى أننا عرب أو أننا مسلمين وأن الشرف عندنا غالي يا بوي. و أن هذه البدع المستحدثة في بلاد الغرب لا تصلح لنا لو كان المخاطب معتدلا أو هي مؤامرة لاستلاب هوية الأمة لو كان المتحدث أقل إعتدالا أي في أغلب الأحيان.
و كما كان متوقعا في بداية عصور الانحطاط الجديدة هذه، و بعد مذبحة وزير الثقافة المصري الذي تجرأ و خالف قانون الصمت، جاءت الهوجة الجديدة أيضا في نفس خانة الشرف و الفضيلة بمناسبة عيد الحب و المحتفلين به، بعد أن كانت الشرارة الأولى دعوة لقطع أطراف هالة سرحان من خلاف ثم صلبها لأنها تكلمت عن بائعات هوى في مجتمعاتنا النقية جدا و التي لا يكيل الشرف عندها بالباثنجان
الدعوة قام بها محام من إياهم و لن يجرأ أحد في دولة المفروض أنها مدنية أن يطالب بشطبه من جدول المحامين، بينما يجمع محاموا تونس أو أغلبهم على عدم قبول هند صبري كمحامية لأنها و العياذ بالله ممثلة، بمعنى فنانة، أي مجرد ظل حسب قانون ساكسونيا، بينما يمكن أن يكون دعاة إراقة الدماء على جوانب شرفنا الرفيع محامين، أو من يصف أبناء وطنه الذين ينادون بتغيير مادة في الدستور بالجرذان و على فكرة، كتبها هكذا، جرزان، و لكن هذا لا يهم كثيرا ، مادام المحامي الأشهر للجماعات إياها ،
و تحت مسمى الخصوصة الثقافية و الدينية التي تفرغ كل القيم من مضمونها، و تفرغ كل المعاهدات الدولية التي صادقت عليها دولنا و الداعية للحرية و كرامة الإنسان و عدم التمييز ضد المرأة أو الأقليات من أي دور فاعل لها، تحت هذا المسمى قامت جوقة العويل و الندب و يا أخلاقاه يا شرفاه بذبح فكرة عيد الحب من أساسها. ذلك أن الحب جميل و لكن، لا يجب أن ننسى أننا عرب أو مسلمون، و كأن الحب و الحياة لا يصلحان لنا. جعلوه عيدا وثنيا، هكذا، حرموا الإحتفال به، ذبحوا المحتفلين، لم ينثروا الأشواك في طريق العشاق هذه السنة بل شحذوا السيوف و أعدوا الحجارة و تعالت الصيحات تنادي برجمهم. .
صار شرف هذه الأمة مرهونا بقبلة على شفاه إحدى بناتها، و في تعليق على عملية دعاية بمناسبة عيد الحب قام به مطعم تونسي، قرر أن يهدي حساب عشاء لحبيبين على أن يعلن الرجل لشريكته حبه على الملأ و يقبلها، قال أحدهم أن شعبا يرضى بطباعة قبلة فاسدة حرام على وجنة بنت من بناته، هو شعب شاذّ لا يستحقّ الاحترام وإنّ مجتمعا يتكوّن من أمثال هذا الشعب لا يمكن أن يشهد العمران، فضلا عن أن يشهد الحضارة .
مع أنه لن يشهد الحضارة و العمران إلا شعب مقبل على الحب و الحياة، الفرد فيه متصالح مع نفسه و جسده أولا، و مع غيره ثانيا، لا يحمل الكره الذي يتقاطر من كتابات المتأسلمين الصارخين جهنم و بئس المصير للمسيحيين و اليهود و المسلمين الذين يخالفونهم المذهب أو طريقة التفكير. فالكره ضعف، و الخوف شلل، و لا شيئ يمكن أن يؤدي إلى عصور إنحطاط جديدة مثل تزييف الحقائق هذا.
عقد جنسية رهيبة تنخر كالسوس فكر و وجدان قطاع عريض من نخب و عامة مجتمعاتنا، و فتاوى أنواع النكاح و ترقيع غشاء البكارة تعتبر في صميم أمنها القومي، ذلك أن شر الأمور مستحدثها و أنهم لا يرون سوى ما في أعماق نفوسهم المريضة من فانتزم الأنعام الغارقة في الممارسة الجماعية للجنس العاجزة عن خوض معركة الأمة الكبرى.خلط غريب للأمور و قلب للحقائق حتى يدوم سبات هذه المجتمعات أطول مدة ممكنة، و تنتج المزيد و المزيد من الإرهاب و الإرهابيين الذين عادة يذبحون أبناء بلدهم و أمتهم وينتحرون معهم طلبا للشهادة في سبيل معركة الأمة المصيرية.
.العاجز عن البناء هو العاجز عن الحب و الحياة، هو الذي ينتظر أن ينطق الحجر يا مسلم هذا يهودي ورائي فأقتله، العاجز عن البناء و العمران هو صاحبنا أعلاه، لا يعرف سوى درس واحد حفظه عن ظهر قلب، دون فهم حتى و لا يعرف غيره حتى أنك لو سألته عن الأنف مثلا قال لك
:الأنف عضو مهم جدا في جسم الإنسان و لكن لا بجب أن ننسى القلب ....

11 تعليقات:

في 3:10 م , Blogger Unknown يقول...

Je viens de découvrir ce blog et c'est une agréable suprise de savoir qu'il existe... Quant au sujet de ce post, serait-ce un plus de dire que je suis d'accord avec chaque phrase? Je ne me contente pas de le penser, je l'affirme. Mais je reste malgré mes mots, ma voix et même mes actions invisible, illisible, inaudible. En attendant le déluge, ou le naufrage..

 
في 4:06 م , Blogger عماد حبيب يقول...

Ce n’est pas que je suis pessimiste, mais le déluge, on y est déjà chère troubadour, et ce que nous pouvons faire c'est juste garder la tête hors de l'eau, nager, et trouver une ile sur laquelle nous pouvons construire une nouvelle patrie telle que nous la méritons,

Il faut l'inventer cette ile s'il le faut, et dans cette vie, pas dans la prochaine ….

Merci pour ton passage,

 
في 4:38 م , Anonymous غير معرف يقول...

Heureux de découvrir ton blog, et si c’était le texte d’une pétition je l’aurais signé sans hésitation…Quant à l’île à découvrir elle est bien là, son sol est sous nos pieds, c’est notre propre pays pour lequel nous portons un projet de société plein d’espoir, de lumière et d’espérance…Même si ce n’est pas pour demain la veille…Car pour le moment un voile noir semble avancer, ramper …
Faut-il bien choisir son camp, et dire : abat la bêtise et vive la liberté.

 
في 5:17 م , Blogger عماد حبيب يقول...

Merci khanouff,

pour ton passage, mais aussi pour karim, j'espère qu'il sera libéré dans les prochains jours, je vais lui donner les liens vers tout ce qui a été fait pour lui ...


a bas la bétise et vive la liberté

@+

 
في 8:13 م , Anonymous غير معرف يقول...

عيب عليك يا عماد .. هكا تهنتل فينا قدام لبرانية ؟ أش عملنالك ؟
نحب نعرف شكونو إلا قلك إلا الحب أنكومباتيبل مع الكلتور ماعنا؟
أشكونو خنعتيه تريحة نبا ش لقبور؟
ياخي عمروماسمع بقيس و ليلى، عنتر و عبلى ؟
رربي يهدي

Merci pour cet excellent post ya Imed.

 
في 8:45 م , Blogger Adem Salhi يقول...

اعتقد اننا فشلنا في الامتحان؛ و يبدو انه ليست هناك دورة مراقبة

 
في 7:56 ص , Blogger samsoum يقول...

لن يشهد الحضارة و العمران إلا شعب مقبل على الحب و الحياة. ما أجمل هاته الكلمتان ،الحب و لحياة و التاريخ شاهد علي أنّهما محرَك الشَعوب الّتي تفكَر و تسعي و تحلم و تصمد و تتحرَى من القيود التي أصبحت ثقيلة و سخيفة و مملَة. المفاتيح معنا ولكن الخوف هو الذي اعاقنا. فأصبحنا مكتفين بالحلم.شكرا

 
في 10:00 ص , Blogger عماد حبيب يقول...

@saied

الي سميتهم الكل على حد علمي مافيهمش واحد وصل للي يحبها ، تي هو عنترة نفسه قال و وددت تقبيل السيوف لأنها لمعت كبارق ثغرك المتبسم ، قمة الرقة في عز الحرب


شكرا لمرورك


@ آدم

فشلنا ربما، لكن لنعلم الجيل القادم أن لا يحفظ درسا عن ظهر قلب بل أن يفهم و يفكر و يتعلم كل الدروس

@samsoum

الخوف هو الذي أعاقنا فعلا، لكن لا بأس، لن نسكت و لن يمروا و في كل الحالات أراهن أنهم سيأكلون بعضهم بعضا

تحياتي و مرحبا بك

 
في 10:39 ص , Blogger Mani l'Africain يقول...

Majestueux ! Bravo Imed !

J'ai été choquée par les propos du mec qui a demandé de crucifier Hala Sarhan. Il y a 2 jours en parlant de cette histoire avec une amie j'ai commis l'erreur de parler de "liberté sexuelle" dans nos pays arabes. Celle-ci m'a regardé et m'a dit : "quelle liberté sexuelle ? ça c'est un truc d'occidentaux c'est pas pour nous."

Je ne sais pas si nous ne méritons pas la liberté sexuelle. Peu-être parce que nous sommes nés du mauvais côté de la méditerranée et que la liberté en général c'est un truc de blancs.

 
في 1:10 م , Blogger عماد حبيب يقول...

@mani

Merci pour ton passage, mais tu sais, des commentaires comme les tines ou les autres sur ce post par exemple, me redonnenet espoir, et si un changement est possible, et que nous pouvons y participer ?

 
في 7:22 م , Blogger Mani l'Africain يقول...

@imed : oui le changement est possible mais la route est très longue. Quant à y participer, faudrait déjà qu'il y ait un mouvement de masse, une sorte de masse critique de gens conscients, sinon l'action n'aurait aucun sens et peut même être dangereuse.

J'ai une vision assez égoïste de la vie, je l'admets. Est-ce un mal en soi, je sais pas ? Mais il faut pas qu'on prenne nos désirs pour des réalités non plus. On doit espérer, tout en restant pragmatiques. Voilà comment je vois les choses.

Bien à toi, et continue !

 

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية