2006-11-10

يجب إنقاذ كريم عامر



في آخر حوار لي مع كريم عامر قبل ايقافه بيوم واحد، أي بعد التّحقيق الأوّل معه، أخبرني بشيئ لم أستوعبه ساعتها كما يجب. دار حوار بينه و بين المحقّق حول واقعة يهود بني قريضة، و كان كريم كعادته مندفعا، صريحا، قاطعا و موضوعيا، كما في كتاباته، و لم يجد المحقّق ما يقوله أمام اصراره أن نساء و أطفال و عوام القبيلة الذين بلغوا الحلم و تمّ قتلهم كلّهم، أنما لا ذنب لهم لأن القادة هم من يتّخذ القرار و لأنّ القادة هم من استسلم بعد أن أخذوا الأمان. قلت له باستهزاء: ما كان يجب أن يحقّقوا معك أصلا، ثم بقلق حقيقي: لا أطمئن لأسئلة من هذا القبيل، خلي بالك من نفسك.

هاتفته من الغد فكان هاتفه مغلقا، ثمّ علمت أنه رهن الإيقاف، لم أصدّق، فليس في القضية كلّها ما يستوجب الإيقاف. هل سيتهمونه بتهمة التفكير ؟ ربّما. هاتفت محاميته بعد أن أكّدت لي صديقة مشتركة أنّه سيقضي ليلته في السجن. حاولت المحامية طمئنتي قائلة هو بخير، فقط رهن الإيقاف لمدّة خمسة عشرا يوما على ذمّة القضيّة. هكذا و بكلّ بساطة.

عبد الكريم نبيل سليمان ليس موقوفا بتهمة التكفير. و لو كان تكفيريّا لقامت الدنيا و لم تقعد دفاعا عن حقوق انسان لا يؤمن بها اصلا، و لكن انتمائه لهذا الفكر كفيل بتفعيل كلّ شبكتهم الإعلامية. هو فقط متّهم بالتفكير، فرقت ترتيب حرفين، و هذا يعني ببساطة، أنه أخطر بنظر البعض من كلّ التكفيريين الذين يكتبون و يذيعون و ينشرون و تستضيفهم الفضائيات كنجوم. أنّه أخطر و أنّ جرمه أكبر. و أنّه تجاوز خطّا أحمر اسمه : الأزهر.

كريم عامر لم يدعوا يوما إلى كره، أو تفرقة طائفيّة، بل كان دوما مدافعا عن الأقليات، بدون استثناء. عن حقوق الإنسان و عن الحريّات. عن قداسة الإنسان، و قداسة حريّة التفكير بعيدا عن الخرافات و سلطة الدولة و سلطة العمائم، و الغريب أن العمائم هي التي كان لها اليد العليا في سجنه هذه المرّة. لذلك يجب إنقاذ كريم عامر.

أعلم أنّّها ليست سابقة في مصر أو في كلّ شرقنا المنكوب. و لكنّ هذا المسلسل السخيف يجب أن يتوقّف يوما. فمن الغير معقول أن يتم ايقافه لمقال انتقد فيه الأزهر، في حين لم ينبس أحد ببنت شفة و نائب إخواني يفتي بقتل رئيس الوزراء و وزيرين آخرين لأنهم من وجهة نظره يهاجمون الإسلام، في سابقة خطيرة جدا و ذات دلالات لا تخفى على أحد، و غياب مريع للدولة. لذلك و إن عجزنا أن نتصدّى لنائب يفتي بالقتل و الارهاب و الفتنة لأنّ سيادته رأى أن الإسلام يهاجم، و أن رأيه هذا يستحق إراقة الدماء و طظ في مصر و الي جابو مصر، فليس أقل من أن ننقذ كريم عامر، على الأقل لأنه رمز و أمل.

كريم رمز جيل من الشباب يفكّر بطريقة صحيحة، قد لا نوافقهم على كلّ أفكارهم لكنّنا ننحني احتراما لموضوعيّتهم أو على الأقل لقبولهم للآخر و للرأي المخالف و لشجاعتهم. و هو و أمثاله من المدوّنات و المدوّنين أمل حقيقي في التحرّر من سيطرة قمع الدولة و احتكارها و كذلك الرقابة الدينية المتخلّفة التي آلت على نفسها خنق كلّ ابداع أو تفكير مختلف، ربّما ، بل حتما، للحفاظ على مناخ فكر هي لا تعيش الا به.


أكتب و ليس عندي ما أفعله من هنا سوى الكتابة و مهاتفته يوميا لعلّه قد تمّ الافراج عنه. عزائي أنّه أكّد لنا أنّه بخير و يحسنون معاملته. و لكني مصرّ أن مكانه ليس في السجن، و ليس في ما كتبه و انتقد فيه الأزهر ما يستوجب اعتقاله، هو لم يدعوا لا لكره أو تعصب أو قتل، هو لم يكفّر، هو فقط فكّر. لذلك وجب اخراجه من هناك، فبإنقاذه، ننقذ أنفسنا و احترامنا لأنفسنا
.

5 تعليقات:

في 11:10 ص , Blogger مراقب مصري يقول...

بص يا عم عماد

لقد نشرت بوست عندي في مدونتي قبل أربع وعشرين ساعة معلنا للمدونين القبض على كريم ونقلت حيثيات الاتهام بحسب ما أوردتها بالأمس جريدة المصري اليوم

لا يهمني كثيرا ما إذا كان كريم رمزا أم لا

كريم معتقل بسبب تعبيره عن رأيه
لا يفرق معي نوع رأيه أو لونه
ولا نحتاج أن ندافع عن أرائه لإثبات أن الولد لا يستحق ما يحدث له

ببساطة هو سجين لأجل الرأي
وفقط لأجل الرأي
ولقد دعوت للتضامن مع كريم
لأجل التضامن مع الحرية كقيمة بحد ذاتها

أدعوك للدخول على المدونة لدي والتعليق وربما كان جيدا أن تعرف المدونين والقراء بمن هو كريم لأننا فقط عرفناه عندما سمعنا أخبار القبض عليه

من فضلك القضية الآن ليست الدفاع عن أراء كريم بل الدفاع عن حرية كريم

الحرية هي القيمة الأساسية التي هي نصب أعيننا الآن وليس إثبات بطولة من أي نوع ولا انتصار لأيديولوجية ما

سيشرفني وجودك في مدونتي

شكرا

 
في 12:05 م , Blogger عماد حبيب يقول...

تركت ردا في مدونتك، و أشكر اهتمامك

كتب عن كريم لأنه سجين رأي، لا لأجعل منه بطلا و لا لأستغل الفرصة للدعوة لآرائه، و لم أفعل.

لذلك أشكرك بدوري لمبادرتك، و سأكون سعيدا لو فعلنا أي شيئ يساهم في أن ننقذ كريم و لا تتكرر المحاولة مع غيره

تحياتي

 
في 9:05 م , Anonymous غير معرف يقول...

رغم اختلافى الكلى والجزئى مع كريم ولكن انا مع حريه التعبير

 
في 12:37 ص , Blogger الكاتب يقول...

تضامني المطلق مع كريم عامر رغم اختلافي معه في البعض من أرائه..، وتضامني مع كلّ نفس عربيّ وانساني حرّ يُضطَهد من أجل فكره أو رأيه...


غسّان من تونس

 
في 5:49 م , Anonymous غير معرف يقول...

بسم الله الرحمن الرحيم

قال الله تعالى
{أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} سورة الملك

تحية طيبة عطرة أهديها لرجال الأمن الساهرين على أمن الوطن وحمايته من أمثالكم أيها الغوغائيين الببغائيين
المرددين لأفكار الشياطين المستشرقين

تريدون منا أن نكون ذيولا للغرب نلهث للحاق بركاب الجهل الذي يسبح فيه متخفيا وراء ستار من العلم المادى الزائل الخادع للسذج والرعاع والباحثين عن الهمجية بدعوى الحرية

أى حرية تلك التى تتذرع بها وأنت تهين أكبر مؤسسة دينية إسلامية بل وتهين نظام الحكم أجمع

وأى جراة تتجرأ بها أيها الإنسان الضعيف على رب العالمين وأنت تحاكمه فى شرعه وتتدخل فى حكمه بدعوى حرية الرأى

ارونى واحدا تكلم عن النظام الكنسي الحاكم لأوربا المتمثل فى الفاتيكان
واخبرونى عن مصيره

عودوا إلى كتاب ربكم وسنة نبيكم يعد إليكم رشدكم ومجدكم

كل ما تقدم من الحديث وجهته للمنتسبين إلى الإسلام

اسأل الله العظيم أن ينفع به وأن يخرج به أناسا أغوتهم الشياطين فأعمتهم عما هم فيه من نعمة الإسلام

{فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} (44) سورة غافر

 

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية