بأي تاريخ تفتخرون : سيدي محرز نموذجا

كرّر قاسم في ردّه نفس الاختصار إياه متحدّثا عن 1500 سنة حضارة و تمسك التونسي بها و بما تشكّلها من هويّته، و في نفس اليوم كتب فسيفساء موضوعا عن الزيتونة أف أم و انجازاتها و التفاف الشعب حولها لأنها تعلمه ما يجهله عن علمائه و رموزه و منهم سيدي محرز ابن خلف الولي الصالح.

لا أفهم كيف يمكن لعاقل أن يفخر بسفّاح مثل محرز ابن خلف و يفخر بأنه من أخرج الشيعة من توهس، و كلّنا يعلم أنه لم يخرجهم من تونس بل ذبحهم بنسائهم و أطفالهم و أبنائهم و أبادهم عن بكرة أبيهم حتّى أن المؤرخين قالوا أن الدم سال للركب في تونس لمدّة ثلاث أيام متتالية. و الشيعة لمن لا يعلم مسلمون موحدون ة لا فرق عقائدي كبير بينهم و بين السنة و لكن هي خلافات سياسية حول من أحق بتولي الخلافة، مسلمون أبادهم بنسائهم و أطفالهم، و لأسباب سياسية بعد رحيل المعز لقاهرته و انتقال مركز الدولة لمصر و انقلاب البربر عليه و تأديبهم بارسال قبائل بني هلال، الاستعمار الاستيطاني الأبرز الذي عرفته تونس و عربها نهائيا.

إن كانت الزيتونة أف أم و من يستمع إليها يفخرون بسيدي محرز سلطان المدينة فعلينا إذا أن نتوقّع أنه ثمّة من يحلم بنفس الشيئ ضد الشيعة الجدد، و ضد العلمانيين بالمرّة و ضد كل من خالفهم حتّى تستعيد هذه البلاد هويّتها التي بنيت على الدم.

كيف يمكن أن نتحدّث عن 1500 سنة حضارة لبلد يمتد تاريخه لأكثر من 3000 سنة قبل اليلاد.

قرطاج كانت أعظم امبراطوريات المتوسط و كانت مصانع السفن تبني مراكب حربية على أعلى طراز تقني وقتها، و ميناء قرطاج الحربي كان أعجوبة تقنية يسمح برفع السفن التي تزن أطنانا بما توفر من تقنيات ذلك العصر فوق سطح الماء في مخابئ وقت الحرب و حنبعل مثلا لا حصرا أنجز في سنوات قليلة ما يتم لليوم تدريسه في كليات الاستراتيجيات الحربية.

الحنايا كانت تحمل المياه من زغوان حتى راس الطابية و قد بقيت تعمل حتى آخر الدولة الحفصية، آلاف السنين تعمل و تجلب المياه، و من يومها لليوم لم نبني شيئا في تلك القيمة أو ذلك الامتياز التقني المبهر، و المسارح كانت تملأ البلاد حتى جاء حسان و قتل الكاهنة و من يومها لا مسرح و لا رسم و لا فن و لا هم يحزنزن طيلة 1400 سنة حتى عاد الروم من جديد بلغة الاخوانجية و اقصد المستعمر الفرنسي،

بأي تاريخ تفتخرون ؟ و هل تصدقون أن ما قبل الاسلام كان جاهلية و ما بعده حضارة عظيمة لم يشهد التاريخ مثلها ؟

يجب إعادة كتابة التاريخ، و إلغاء تدريس الدين في المدارس العمومية، و اعطاء تاريخ هذه البلاد حقه و اعطاء العلم، العلم الحقيقي و ليس الجهل و الخرافة حقه و تشجيع العقل النقدي و البحث و التسائل حتى لا تتخرج أجيال أخرى من الببغاوات التي تتكرر اسطوانة مملة ، ترانا في ذيل الأمم و تصر أننا أصحاب حضارة و أننا متمسكون بها، فعن أي حضارة تتكلمون

عن أي اسلام تتكلم يا قاسم و تقول باسم الشعب التونسي أنك متمسك به ؟ السني أم الشيعي ؟ المالكي أم الحنبلي ؟ لم يبقى اسلام اليوم الا الاسلام الوهابي شئت أم أبيت و حتى شعبك التونسي يتوهبن يوما بعد يوم و انت فخور بذلك لانها مظاهرة صامتة ضد الحاكم ، و هذا كان رأي منصف المرزوقي أيضا و لذلك خاب ضني فيه، لأن امر أخطر بكثير من احتجاج صامت ضد نظام حكم، انه تغير مجتمع باسره و سيره نحو مرحلة أشبه بمرحلة غزو بني هلال و ابادة سيدي محرز للشيعة

هل ثمّة كلمة واحدة عن المعتزلة أو القرآنيين ؟ حتى لا أقول نقاشا متمدنا و حوارا مع اللادينيين أو الملحدين ؟ من أين يأتي الإعتدال إذا ؟

و النتيجة ؟

نحن نفخر اليوم به و نوقد له الشموع و نعتبره سلطان المدينة

تاريخ دموي مظلم و جهل مدقع و غسيل مخ يقوم به دعاة و أئمة الجوامع و قد جائتهم الفرصة في الزيتونة أف أم ليعوضوا ما فاتهم من عز و أكل وز و سيطرة على عقول البسطاء مثل غيرهم في المشرق، و الآخر سعيد مع سائق التاكسي بذلك و لا أحد يرى لأبعد من قدميه و لأبعد من حومة المطاوة في با ب الخضراء