2007-05-11

العمل خير من الصلاة



العمل خير من الصلاة
عماد حبيب
imed_habib@hotmail.com
الحوار المتمدن - العدد: 1611 - 2006 / 7 / 14



صرخات التحذير المنطلقة هنا في أوروبا خوفا من العودة للنظام الأخلاقي تكاد تكون صدى معكوسا لصرخات التحذير المنطلقة في منطقتنا و المنادية بالمحافظة على هذا النظام لمواجهة "سموم" التغريب. و لو سألت أيّا من الناعقين عن معنى "سموم" أو "خطر" أو حتى "تغريب" فلن تجد أكثر من إجابة ساذجة عن وجوب الحفاظ على خصوصياتنا الثقافيّة و الدينية كغاية في حد ذاتها، و طبعا ما تيسّر من اسطوانة الغرب الحاقد الذي تغيضه "صحوتنا الإسلامية" و الحاسد لما منّ الله به علينا من "نعمة الإسلام".

أفهم التخوّف هنا من العودة للنظام الأخلاقي الذي لم تتقدّم أوروبا و الغرب عموما إلاّ بعد أن تخلّت عنه، فيوما بعد يوم يغرق المسلمون المقيمون في أوروبا في بئر سحيقة اسمها انطواء الجاليات على نفسها و عودتها لما تراه أصولها و جذورها و خصوصيّاتها "الثقافية" و تقوقعها و رفضها الإندماج في مجتماعتها المضيفة (و التي قد تكون بدورها لم تفعل كل المتاح لتسهيل هذا الإندماج من الجهة المقابلة). يوما بعد يوم ترى الحجاب في مترو الأنفاق جنب المكروجيب و الديكلتيه و ترى النقاب (و لو نادرا) في المراكز التجاريّة حيث محلاّت بيع المياهوت و البيكيني، ترى الجلباب و اللحية الغير مهذّبة، عادة في مداخل العمارات و تقاطع الطرق، حيث يسير الجميع مسرعين لأعمالهم و أشغالهم بينما يتميّز هؤلاء بالتسكع و الشكوى من البطالة بحرق السيارات أو السرقة بالإكراه (و لما لا و هناك من أفتى لهم بجواز ذلك باعتبار ضحاياهم من "الكفّار"). المسألة لا تتوقّف عند المظاهر، صرنا نسمع عن جرائم "شرف"، عن مآسي تزويج الفتايات صغيرات السن عنوة من رجال من الجالية نفسها أو من الدين نفسه. و القائمة تطول و ستطول.

لم تكن تفجيرات لندن و التي قام بها شبان "بريطانيون" مسلمون من أصول مهاجرة سوى نتاج طبيعي لعودة هذه الجاليات لنظام بلدانها الأصلية الأخلاقي. في ظل مناخ الحريّة المتاح، و غياب أي تأطير، و حين تكون نافذة شباب المسلمين في بلاد المهجر على أصولهم و بلدانهم الأصليّة من صنف الجزيرة و المنار و اقرأ ، حين يكون أئمّة المساجد مستوردين من البلدان الاسلامية و لا يتقنون حتى لغة البلد، فما بالك بالاختلاف الثقافي و ضرورات الاندماج في المجتمعات المضيفة، فأنّ تأطير "وعيهم" لن يكون سوى باتجاه اعتبار مجتمعاتهم "كافرة" "ظالمة" و "معتدية"، و جبت معاقبتها، ابتغاءا "للشهادة". و كلّ هذا ليس سوى الثقافة السائدة في بلدانهم الأصلية. ليس سوى نظم بلدانهم الأصليّة الأخلاقيّة.

في بلداننا عندما نتحدّث عن الأخلاق، فنحن قبل كلّ شيئ نتحدّث عن الجنس، ثمّ الدين. المرأة الشريفة عندنا هي المرأة التي لا تجارب جنسيّة لها و لا شيئ غير ذلك. مع علمنا أنه نفاق سمج، و لكنّنا تعوّدنا النفاق، و تقديس المظاهر، و تجريم كلّ ما هو طبيعي و فطري، فصار الحجاب علامة العفّة، و طقوس الدين علامة الأخلاق، الرجل الذي يصلي هو بالضرورة متخلّق، و خصوصا لو كان له علامة في جبينه من أثر السجود و يمسك سبحة و يذكّر بغير داع أغلب الأحيان أنّه يقيم الصلاة في وقتها و لا يخشى سوى الله. أمّا الصدق في القول، الإخلاص في العمل، اتقانه، رفض الرشوة و المحسوبيّة مثلا لا حصرا، احترام القوانين، احترام انسانيّة الإنسان، طلب العلم (العلم الحقيقي و ليس الخرافة) كلّها بالفعل و ليس بالقول تأتي في المرتبة الثانية، أو الثالثة عشر. و عندما ينادي الجميع بالحفاظ على هذه "الأخلاق" فإنّهم فعلا لا يقصدون سوى الجزء الأول الخاص بالنفاق و مصادرة حريّة الانسان الشخصيّة.

آلاف العائلات هنا (من الغرب الكافر) تسعى سنويّا لتبني أطفال من العالم الثالث، مع العلم أنّه في أغلب الأحيان فإنّ هذه العائلات لها أطفال، أي أنّ الأمر ليس تعويضا عن عدم الانجاب، كما أنها لا تبحث عن أطفال شقر أو من أصل مسيحي، بالعكس، غايتها و متعتها فعل الخير بتبني أطفال من مناطق نزاع مسلّح أو من العالم الثالث، سمر أو آسيويين أو منغوليين حتى، أي كما نقول نحن (لوجه الله). في ثقافتنا (ديننا) التبني أساسا محرّم. حين يقرّر أحدنا التبرّع بأعضائه أو دمه (و هذه رأيتها بأم عيني) فغالبا ما يشترط أن يكون المستفيد مسلما أو من بلده (و كأن الآخرين كلاب)، لا أريد أن أعمّم و لكنّي لا أرى خصوصيّات ثقافيّة أخرى، كلّها تصب في رفض الحياة و رفض الآخر. ثقافتنا تقديس الطقوس و النصوص الأثريّة التي نعتبرها أهمّ من الانسان، لذلك تعلن المصيبة الجديدة القادمة من الصومال و التي اسمها محاكم شرعية أو اسلاميّة أن من لا يصلي فسيقتل تنفيذا" للشرع". الصلاة اذا غاية في حد ذاتها و أهمّ من حياة الانسان. و بتدقيق بسيط سنكتشف أن ما يحدث ليس سوى عودة لجوهر نظامنا الأخلاقي. لذلك وجب التخلي عن هذا النظام الآن و ليس غدا، فالعمل أهم من الصلاة، و الانسان أهم من الطقوس، و لا قدسية الا لحرية الانسان و كرامته، و القوانين و المؤسسات فقط ما يجب احترامه كوسيلة لتحقيق ذلك و ليس كغاية في حد ذاتها عكس الأخلاق (الدين).

إنّهما رؤيتان مختلفتان تماما و لا يمكن أن تتعايشان معا، و ما صرخات التحذير من الجانبين الا بداية لصراع بالتأكيد لن يكون في صالح المتباكين على الأطلال و "الأمجاد" الغابرة. و ما دعوات التوفيق بين الاثنين الا كحرث في البحر. لا بدّ من التخلى عن النظام الأخلاقي، و المجاهرة و الدعوة و [انّ العمل و العلم (و أكرر العلم الحقيقي و ليس الخرافات) أهم من الصلاة (و خير من النوم بدوره).

11 تعليقات:

في 10:23 م , Anonymous غير معرف يقول...

الإسلام ليس خرافة كما ذكرت بل هو دين الحق الذي جاء به الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه و سلم و هذه الجملة وحدها تبين عضمة هذا الدين و الرسول اللذي نقله أما أن العمل خير من الصلاة فهذا هو التخريف
قال لله تعالى:" وما خلقت الجن و الإنس ْإلا ليعبدون "
أما العمل فهو أمر أساسي لكي يحافض الإنسان على كرامته و يساهم في تطوير ونمو بلده

 
في 11:53 م , Blogger Adem Salhi يقول...

@مجهول
رأى عمر بن الخطاب رجلا لا يبارح المسجد و دائم الصلاة و التعبد؛ فاستغرب من امره فسأله؛ ألا تعمل؟ من اين تستقيت فأجابه أخي يعمل؛ فقال له "أخوك خير منك""؛
@عماد
للاسف كلامك صحيح

 
في 11:55 م , Blogger Téméraire يقول...

Un seul point à commenter, les autres ne méritent pas d'être discutées:
“ Des prélèvements peuvent être effectués à des fins thérapeutiques sur le cadavre d’une personne à condition qu’elle n’ait pas fait connaître de son vivant son refus d’un tel prélèvement , et qu’après son décès, le refus d’un tel prélèvement n’ait pas été opposé par les membres de sa famille. ” (Loi 91-22 du 25 mars 1991).

La Loi Tunisenne n'exige pas de connaitre la religion du receveur.
J'espère qu'une autre fois, tu rectifieras ta note. Sauf si tu considéres la Tunisie un pays non musulman.

 
في 10:01 ص , Anonymous غير معرف يقول...

@adam:
أنا لم أقل أن العمل ليس مهما لكنه ليس أحسن من الصلاة فقد سؤل الرسول صلى الله عليه و سلم ما هي خير الأعمال فقال "الصلاة في وقتها" وليس أن يبقى الشخص عاكفا في المسجد طول الوقت و المثال الذي قدمته صحيح

 
في 2:36 م , Blogger Big Trap Boy يقول...

فعلا نص ممتاز يا عماد

 
في 11:59 ص , Blogger عماد حبيب يقول...

@adam

أسعد دوما بمرورك

@téméraire

En aucun moment je n'ai parlé des lois tunisiennes, mais de comportement de donneurs, donc je n'ai rien à rectifier.

Par contre, comment dois-je comprndre "les autres, ne mérotent pas d'être discutés" !!! ???

@big trap boy

شكرا لإطرائك،

هو نص قديم نزل أيضا بإيلاف و كانت التليقات من صنف الصلاة خير من العمل و هذا معلوم من الدين بالضرورة

 
في 2:30 م , Blogger Téméraire يقول...

حين يقرّر أحدنا التبرّع بأعضائه أو دمه (و هذه رأيتها بأم عيني) فغالبا ما يشترط أن يكون المستفيد مسلما أو من بلده

En Tunisie en ne révéle pas l'identité du receveur, donc le donneur ou plutôt sa famille ne savent pas si le receveur est noir catholique ou Djerbien juif.

 
في 2:44 م , Blogger Téméraire يقول...

في بلداننا عندما نتحدّث عن الأخلاق، فنحن قبل كلّ شيئ نتحدّث عن الجنس، ثمّ الدين

je me demande d'ou est-ce que tu nous fait sortir ça. Une seule question Habib, franchement dans ta propre famille, lorsque vous discutez à propos des valeurs, c'est le sexe et la religion qui sont les sujets promordiaux?

في ثقافتنا (ديننا) التبني أساسا محرّم
Dans quel sourate tu as trouvé que l'adoption est interdite?, encore comme mille fois tu chercheras tu ne trouveras pas et c'est ça ce que je te reproche Habib, c'est que tu raisonnes sur des traditions que tu colles sur la religion.
En plus, dans la tradition, c'est pas l'adoption qui est interdite, tu fais une grande confusion, ce qui interdit c'est de donner le nom de la famille adoptrice lorsque le nom de famille d'origine de l'enfant est connu.

 
في 2:47 م , Blogger عماد حبيب يقول...

@témé

قلت لك رأيتها بعيني أكثر من شخص إشترط أن يكون المتلقي مسلما بعد وفاته رغم أنه أولا سيكون ميتا و ثانيا القانون فعلا يمنع،

و بالتالي أكرر أنا أتكلم عن العقليات و ليس القانون


تونس و برغم الفصل الأول الذي يحدد دين الدولة تبقى أقرب للعلمانية و للدولة المدنية التي هي مكسب لنا جميعا و علينا أن نحافظ عليه

 
في 3:05 م , Blogger عماد حبيب يقول...

@témé

لقد إقتربت في مسألة التبني من أكثر المسائل تلغيما في تاريخ الإسلام و في مقاصد الشريعة

التبني ليس الكفالة بل هو تحديدا إعطاء اسم العائلة و ها أنت تعلم أنه محرم بسبب آية أدعوهم لآبائهم التي نزلت لترد على من قال أن محمد تزوج من زوجة إبنه بالتبني


و تجمع وأكرر تجمع كتب الفقه و السير و الصحاح أنه رآها عارية فاشتهاها و فهمت هي ذلك فاخبرت زوجها الذي طلقها ليتزوجها هو يعني آية أخرى نزلت فقط لتحل مشكلة جنسية لمحمد

فلما قضى زيد منها وطراً زوجناكها لي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطراً وكان أمر الله مفعولاً


الأحزاب/37

وهذه الآية لوحدها قمة تحقير المرأة بجعلها فقط موضوع إشباع جنسي من رجل لاخر


أما بالنسبة للمعنى للجنسي لكلمة شريفة فاترك الحكم للقراء مذا نقصد في مجتمعاتنا بالمرأة الشريفة و ما شرف الفتاة ؟

 
في 7:26 م , Blogger Téméraire يقول...

La notion de Kafala en Islam est une adoption sans donner le nom de famille. La kafala a été très encouragée par l’Islam et le coran a insisté 23 fois dans différentes sourates pour le bon traitement des orphelins.
La Kafala empêche que dans des circonstances spéciales un frère se marie avec sa sœur puisqu’ils ne vont pas se reconnaître en raison de la différence du nom de famille.
Des cas pareils se sont produits en occident.
La Kafala empêche aussi les parents de donner leurs propres enfants à des riches dans l’espérance d’avoir un héritage.

Tu sautes d’un sujet à un autre pour évoquer un Hadith selon lequel le prophète aurait vu la femme de son fils adoptif nue, il est tombé amoureux et il a trouvé mille excuses pour la prendre comme femme.
Je peux t’apporter 10 hadiths qui contredisent ce hadith et je peux te confectionner 10 autres.
Tu connais ma position sur les Hadiths qui ont été racontés d’une personne à une autre suivant une chaine de 10 personnes tout au long de 2 siècles. Je ne les prends pas en considération.

 

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية