2007-11-25

حريّة المعتقد و حريّة مهاجمة المعتقد

حريّة التعبير للجميع في إطار احترام الغير و معتقد الغير لأنهما واحد.

كان هذا تعليقا قرأته و ما أكثر التعليقات التي تقول تقريبا نفس الشيئ و اكثر و تصل إلى حد أن تقول هاجمني و لا تهاجم معتقدي أو ديني. و هذا هو ما يفسّر أنّ كثيرين و بدون سابق معرفة أو اتصال باي شكل أو حوار اعتبروا ما أكتبه هجوم شخصي عليهم و قلّة احترام منّي استحق عليه الشنق. لن اعود لردّات الفعل تلك ، صدقا هي لا تهمنّي ، أعني الشتائم و السباب و ما إلى ذلك ، لكنّي ساتوقّف لأحاول أن أفهم ، فقط أحاول أن أفهم دون أن أحكم لمذا يعتبر بعضهم انه أهين لأنك انتقدت أو حتّى هاجمت دينه أو معتقده ؟

إنّها علاقة الفرد بالمجموعة ، و هنا يكمن الإختلاف الجوهري ، أن تعتبر الفرد غاية و المجموعة وسيلة تسمح بتحقيق سعادته و بين أن تعتبر الفرد لا شيئ أمام المجموعة و عليه ان يختفي لمصلحتها، سواء كانت هذه المحموعة وطنا، أمّة أو دينا.

في النظم الفاشيّة، الدكتاتورية، لا قيمة للفرد أمام الفكرة ، كانت هذه فلسفة ستالين مثلا و بها مات ملايين في سيبيريا لمجرّد الشك في عدم ولائهم للإيديولوجيّة الشيّوعيّة كما يراها الرفيق ستالين. ملايين ايضا كانوا يعبدون ستالين و يرون فيه ابا و زعيما ، تماهوا فيه و اختفوا ، فأمكن له أن يصادر أراضيهم لمصلحة التعاضديات ، لا قيمة للملكية الفردية ، للفرد ، في سبيل فكرة الشيوعيّة و جنّتها الموعودة.

حين يختفي الفرد و يكون انتمائه أهم من كينونته، فإن تلك أولى علامات بداية الفاشيّة.

ما هي الفاشيّة ؟

باختصار هو أن تقنع شعبا أنه الأفظل، بسبب عرقه أو دينه أو أي شيئ يكونه كمجموعة، و أن الصعوبات التي يتعرض لها هي بسبب تآمر مجموعة اخرى و أن الحل يكمن في انتصار هذا الشعب على تلك المجموعة و القضاء عليها. هل نذكر بفاشيّة موسوليني أو نازيّة هتلر و نتائجهما الكارثيّة على شعبيهما و على العالم ؟

حين تقول هاجمني و لا تهاجم ديني فانت تكون قد ألغيت نفسك أولا و عوضتها بانتماء ديني، و تكون ثانيا صادرت أو حاولت مصادرة حريّتي في أن أنتقد هذا الدين أو حتّى اهاجمه، و وجدت أنه من حقك بدل الرد على الهجوم أو ما تراه هجوما أن تقضي على مصدر الفكرة نفسها متخيّلا أن هذا من حقّك ، و هذا رد فعل فاشي، و كلمة فاشي تقرير واقع و ليست حكما.

حين اقول أن القرآن أقر في آيات عديدة حريّة المعتقد المطلقة، بما فيها حريّة الكفر أو الإيمان و لم يحدّد عقوبة دنيويّة ابدا لتارك الإسلام، فهذه حقيقة موضوعيّة و ليست حكما ، أنا لا أريد أن أكون فقيها أو مفتيا و لكن فقط أقرأ و أحاول ان أفهم بعيدا عن تاثير الأحكام المسبّقة. حين يقول أحدهم و اعتمادا على كتاب البخاري و ليس كتاب الله من بدّل دينه فاقتلوه صار هنا الاسلام دينا ليس فيه حريّة معتقد. هذه ايضا حقيقة موضوعية و ليست حكما.


المشكلة ليست في قدسيّة النص بل في قدسيّة تفسيره.

حين تفرض رأيك و تفسيرك على النص جاعلا منه انتماءا تنتفي أنت أمامه فانك هكذا ستستسهل أن تلغي الآخر أيضا ، تقتله لأنّه كآخر لا وجود له بل و يجب أن يختفي لمصلحة هذه الفكرة التي هي تفسيرك أنت او اسلافك لنص قد لا اشاطرك قدسيّته فظلا عن قدسيّة تفسيره.

الغباء و الحمق و الإرهاب كنتيجة حتميّة يبدأ من هنا ، و لا بد من قبول حريّة المعتقد و حريّة نقد المعتقد و فصل ذلك عن احترام الفرد ، المواطن و حقه بدوره في نفس تلك الحريّة ، حريّة الفرد و كرامته، حقوقه، حقوق الانسان كما جاءت في اعلان حقوق الانسان هي المرجع و ليست مجرد نصوص وضعيّة وضعها الغرب المسيحي و ما إلى ذلك من كلام أغبياء الاخوان

ها قلت أنهم أغبياء ، فهل هذا هجوم أم نقد أم تقرير واقع



1 تعليقات:

في 10:06 م , Blogger citoyen يقول...

منذ زمن أصبت بنوع من الاكتئاب بفعل قراءة كم كبير من الأفكار الشعبية الواردة بعديد التعليقات أو المقالات والتي يعتقد أصحابها أنهم أصابوا أو أنهم أبدعوا لمجرد أنهم نالوا رضاء وتصفيق بعض الذين يفوقونهم سطحية وسذاجة.وتهليل هؤلاء السذج ليس فقط بدافع إعجابهم الإبداع الوارد بالأفكار الشعبية السطحية بل أساسا بدافع التقاء أيديولوجيي.وعدم قدرة هؤلاء العامة من الدفاع عن مضامين أديولجيتهم تدفعهم بالتشهير بخصومهم تحت عناوين "الإساءة للدين""ضرورة احترام معتقداتهم"دون البحث في نصوص معتقداتهم هل هي تنص على ضرورة احترام معتقد الآخرين أم لا.وقد قرأت ما جاء بمدونة أحد هؤلاء العامة ما يلي"الا تعرف أحمق حمقستان؟؟؟؟
هذا الذي يدعو الى الحرية الجنسية"
.فبمنطق هؤلاء تتحول إلى داعية للحريات الجنسية . فحين تقول أن الفرد يملك جسده وله عليه مسؤولية كاملة وأنه ليس ملكا للمفتي أو الدولة أو لله أو أي كان ليقرر ما يصلح به تنعت بأنك داعية للحريات الجنسية. وبما أنه يمارس الوصاية بفعل فكره العامي فإنه يتخيل أنك حين تجد شقيقتك مع ابن الجيران تقوم بتشجيعه وبضرورة ان ترفع سيقانها أكثر.ففي هذا النسق الفكري العامي الجنس هو رفع للسيقان والذهاب إلى الداخل والأخت ملك للأخ وشرف هذا الأخ وشرفه في أن تصون الأخت فرجها وفرج أخته شهادة له برجولته.ومهمته في الحياة أن يراقب فرج أخته ويقيم عليه الحراسة الشديدة. وهذا العامي لا يمكن ان يتخيل للحظة أن هذه الأخت إنسان بإمكانه أن يقرر علاقاته وفق مصالحه وعليه أن يتحمّل تبعات خياراته.
كما انه عليك مصادرة عقلك حتى لا تتحول إلى متحامل على الإسلام
دون حجة و لا برهان , و بأنك مأجور.والعجيب أن بجانب هذا الإبداع في الجهل لافتة كبيرة تدعوا لحرية التعبير ولعدم تسكير الجلغة. والعامي يخلط بين حرية التكفير وحرية التفكير.
وقد دفعتني هذه الطريقة في الدعاية لحرية التفكير أن أضم صوتي للأصوات المنادية بالعودة، إلى ما يطلق عليه هؤلاء العامة،بالعصر الذهبي للإسلام وذلك لأن بهذا العصر أمثال الكندي والفارابي والحطيئة وبشار والحلاج وابن نواس والراوندي وعمر الخيام وابن سيناء والتوحيدي...فكل هؤلاء جادلوا في النص القرآني ومارسوا حرية الفكر دون اعتبار للمقدس. لكن المشكلة أن هؤلاء العامة يريدون استرجاع هذا العصر ولكن بدون ما ذكرته من المفكرين والشعراء والفلاسفة.

 

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية