2007-10-28

الموت القادم إلى الأرض الخضراء

مهاجر من بلاد الغبار. و في بلادي يقتلون الخيول و فرح الصغار. ثمّ يقتتلون على بقايا تمرة على أنقاض هزيمة و دمار. ولدت في واحة خضراء صغيرة كانت بمياهها و حياتها تثير حنق من حولها و حنق من هم من أبنائها من عبدة الأسلاف من الموتى. لم تكن تسرق بهجة الحياة و لا تقدم بناتها قرابين للآلهة و تبتسم و هنّ يغتسلن بشمسها و يسبحن في رحمها.

اجتمع رهط من كهنة الظلام ليلعنوا ضحك الصغار و يشعلوا نار المعبد القديم حتّى يقبل إلاه الموت و العذاب من سيرمونه منّا تكفيرا لما خالفنا من تعاليم الأجداد.

كانت واحتنا فقيرة و كان لها أب مستبد و لكنّا كنّا نحبّه، و كان يسخر من الكتب القديمة و يعلم أنّا لا نسبح على بحور نفط و أن الخلاص يكمن في الإنسان. لكنّه كان مستبدا، فمنذ زمن بعيد لا تعرف شعوب هذه البلاد و لا تحكم إلا بالقوّة و الرعب ، و كان أن تولّى من بعده صاحب الشرطة، و استمر الإستثناء عشرين سنة، و واحتنا بعيدة عن جهلستان و عن إرهبستان و عن نفاقستان. لكن خللا ما لا يمكن تجاهله، خطرا ما يهدّد بموت قادم إلى الأرض الخضراء.

نافق صاحب الشرطة و صاحب الواحة الجديد كهنة التخلّف ليسحب البساط تحتهم أو هكذا خيّل له. لم يكن بذكاء و حنكة الأب الراحل. فـأشعل بنفسه نيران المعبد الخامدة حتى صحى يوما على صوت الرصاص و عواصف الرمال.

التصحّر لا يغلب بالقوّة و لا بسحب البساط، التصحّر يغلب فقط بالإنسان.

و الإنسان في بلادي أرخص من شاهد أي قبر من قبور القدامى. يقتل لو مر على قبورهم و لم يسجد أو شكّك في ما كتبوه و تركوه، يقتل لو لم يأد بناته ، يقتل لو لم يعلن طاعته لصاحب الشرطة أو كهنة الظلام و فقهاء الإرهاب. الإنسان في بلادي لم يحكم إلا بالقوة و لم يسمح له بالتفكير بل بالحفظ و التلقين و لم يهيّأ إلا ليكون وقود حروب الهزائم المستمرّة، نموت نموت بمئات الآلاف و يحي الأغنياء و الفقهاء من الوطن، و نحسبهم أحياء عند ربّهم، و نلتحف بالخرافات القديمة لننام.


أمام هذا الموت القادم إلى الأرض الخضراء من أرض حمقستان، لم يعد ينفع إلاّ الكي.

0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية