يحق للإخوة في غزة نصرهم الله أن يعلنوا و رسميا و بإصرار عدم إعترافهم بدولة إسرائيل ، و أن يقسموا أنهم سيحررون كل فلسطين من النهر للبحر و هذا يعني ببساطة إلغاء إسرائيل و رمي شعبها في البحر أو في أي مصب نفايات و مع ذلك يقلبون الدنيا لو أن نفس هذه الدولة التي يهددونها في وجودها و ليس حدودها لمست شعرة من أحدهم،
هذه الدولة التي تحتل أرضهم و التي وقعت رسميا إتفاقات أوسلو التي بمقتضاها أقيمت السلطة الوطنية الفلسطينية
بنسبة تصويت لم تتجاوز الثلاثين في المائة وصلت حماس للسلطة، و ما أجمل الديمقراطية حين توصل الأخوة للسلطة ،
حين تصل أية حركة للحكم وتتولى مقاليد السلطة فإنه عليها إحترام المعاهدات الدولية للحكومات السابقة، و إلا صارت الأمور فوضى ، فمابالك لو كان كيان السلطة نفسه نتيجة إتفاق مع إسرائيل ، و مع ذلك فالإخوة في حماس مع تمسكهم بالحكم يرفضون العودة لصندوق الإنتخاب ، رغم الأزمة الخانقة التي أوصلوا لها الأمور في قطاع غزة بعد إنقلابهم الدموي
الديمقراطية و الإنتخاب عند الإخوان كفر صريح، نعم نستعملها للوصول للحكم و لكن بعد ذلك الهدف ليس الوطن أو الطين كما قال المجاهد الأهطل الضواهري ، الهدف ليس مصلحة الناس و لا الناخبين الهدف شيئ آخر تماما
ما أصعب أن تجد نفسك تكتب ما يمكن أن يفهم أنه دفاع عن إسرائيل، لكن السياسة و الواقع لا يعترفان بالعاطفة
ستحتفل إسرائيل هذه السنة بالذكرى 60 لقيامها، و الصهيونية لمن لا يعلم حركة علمانية تعتبر اليهودية قومية أكثر من كونها دينا و بن جوريون نفسه كان ملحدا و للأسف لازالت هذه الدولة تفتخر لليوم أنها الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، أقول للأسف لأن هذه حقيقة مرة، و أمر منها أن هذه الدولة رغم كل ما يمكن أن يقال عن عنصريتها و جرائم حربها و احتلالها لأراض الغير، تبقى متقدمة و بقرون على مجمل دول البدو المحيطة بها حضاريا و علميا و عسكريا
الإقرار بالواقع أو حتى الإعتراف بالإعجاب بآداء الخصم أو العدو أو الآخر لا يعني أبدا أننا نعطيه صكا على بياض أو ننسى أن لنا حقوقا يجب أن نستردها، و لكن كيف ؟
بالتأكيد ليس بنفس السياسة المتبعة منذ 60 سنة و التي لم تجلب سوى الهزائم
بالتأكيد ليس بتحويل الصراع مع إسرائيل لصراع ديني
بالتأكيد ليس بالإرهاب و لا بتبريره أو الدعوة له مهما كانت المسببات
هذا طبعا لا يعني بث الروح الإنهامية و الإستسلام لكن يعني فقط أن نعترف لأنفسنا بأسباب فشلنا بعيدا عن نظرية المؤامرة و العقاب الإلاهي
علينا أن نعرف أن التصريحات العنترية و العمليات الإرهابية و تصريحات الإخوة في حماس التي تشكر الإخوة في القاعدة هي تصريحات كارثية تماما كرقص الغزاوية و توزيعهم الحلوى ابتهاجا ب 11 سبتمبر
مادمنا بذلك الغباء فلن نحرر شبرا بل سننقرض قريبا
حماس حولت غزة لغزستان، لإمارة طالبانية ، غرست مخالبها و ما يحدث اليوم بداية نهاية طبيعية، مؤلمة و مأساوية نعم لكنها طبيعية، حماس فشلت في السلطة لأنها لم تكن مهيأة لها و لا مستعدة لها، و كما كانت حليفا موضوعيا لإسرائيل عند نشأتها زمن الإنتفاظة الأولى ، هي اليوم أيضا خير حليف موضوعي لإسرائيل لتصفية القضية تماما،
و نحن نشارك بسذاجتنا و عاطفتنا المعهودة بردود الفعل نفسها
التنديد نفسه
و العويل نفسه
و التضامن نفسه،
نشارك في دور المتفرج على المفعول به
على من اتخذ إبنه كرهينة مهددا بقتله ،
في النهاية سنجني كالعادة تصريحات أسف على الأرواح البريئة التي سقطت و تتحميل حماس المسؤولية
و الأشد مرارة من كل هذا أن حماس فعلا كما فتح تحمل المسؤولية
و الأدهى و الأمر أننا لازلنا نكرر الإسطوانة المشروخة ذاتها و نرى القشة في عين إسرائيل و لا نرى الخشبة في عيوننا ، و نبحث عن الله ليهبنا النصر
لو اكتفت اسرائيل بصلوات حاخاماتها على حائط المبكى لهان أمرها من زمن و لكن لها من العلم و المال ما يصنع الصواريخ و الأقمار الصناعية و القنابل الذرية و من الذكاء ما يجعلها تقنع العالم أنها دولة مدنية متطورة بل و مسالمة في غابة من الهمج و البدو من أنصار القاعدة و الراقصين على أشلاء المدنيين من ضحايا الإرهاب
أشعلوا الشموع حدادا على أرواح من سيموت هناك
جعله الله في ميزان حسناتكم
وأما العلم فلا تقرب
و أما الحرية فلا تطلب
و أما النصر فمكتوب في لوحنا المحفوظ فلا تتعب
و سلام على من طلق هدى
نوما سعيدا