2006-10-31

حقوق الإنسان المسلم : الخوف فالموت أخيرا


ثنائية الخوف و الموت تلازمنا منذ الطفولة. القهر العائلي (الأبوي في أغلب الأحيان) يليه و يصحبه منذ السابعة القهر الديني : علموهم لسبع و اضربوهم لعشر. و أول ما نتعلمه عن ديننا عذاب القبر و ما نتعلمه من أهلنا النفاق. لم يكن هناك فرق فيما يتعلق بالدين بين الكتّاب و المدرسة، السؤال ممنوع و الفهم مرفوض و العلقة و العصا لمن عصى. لا أحد يفهم ما تعلمّه و فطرة السؤال و محاولة الفهم تجهض في بدايتها، فلا حق للانسان المسلم بعد التخلف و العبودية سوى : آهي عيشة و تعدي، حتى الموت (بكل معاني حتى)

لمذا يصر المسلمين و "علمائهم" على خرافة عذاب القبر هذه ؟ و لمذا يصرون على أنهم وحدهم من سيدخل الجنة ؟ و لمذا لا نريد أن نرى في هذا المعتقد خللا له نتائج وخيمة على شخصيتنا و تكويينا و علاقتنا بالآخر ؟ لمجرّد أن "حديثا" وضع بهذا المعني، فاعتبرناه وثنا لا يجب المساس به و الا الموت فجهنم و بئس المصير.

مذا ينتظر المخالف للفكر السلفي الخرافي السائد في أوطاننا عامة (باستثناء بلدان كتونس تحررت نوعا ما من براثن التخلف رغم القوى الظلامية التي لاتزال تحلم بالعودة بها للخلف بمحاربتها لعلمانية الدولة ). مذا ينتظر من لا ينافق ؟ : الموت. الموت بعد استتابته أي أن تطلب منه أن ينافق ثانية حتى لا يحدث خلل في هذا المجتمع المريض أصلا. أو قتله بمجرد أن تطاله أيدي سيوف الله المسلولة لو حكم عليه بالزندقة (و أتحى أي ارهابي جاهل أن يعرف أساسا ما معنى زندقة). تارك الصلاة يقتل أو ينافق فيتظاهر بآدائها و ان كان غير مقتنع بهذا الطقس اساسا. سامع الموسيقى اليوم في العراق قد تقطع اذناه لأنها كفر (يسمح فقط بالاستماع الى طلع البدر علينا - و هذه ليست نكتة، في اعراس الجماعة اياها فقط يغنون طلع البدر علينا)

هذا الخوف يصحبنا حتى الموت. و الموت ثقافتنا السائدة، فكل ما نقوم به و نعتقده موجّه أساسا لمرحلة ما بعد الموت. نحن لا نعيش الحياة، بل نسير نحو الموت.

يقول أبو حيان التوحيدي : الانسان يساق بالطبيعة نحو الموت و بالعقل نحو الحياة. نحن فقط نسير نحو الموت و نحسب حسابه و لا تهمنا الحياة، لا عقل لنا. أعلم أني ابالغ في التعميم، و ان الاستثناء موجود، و لكني أكتب هنا عن الخط الغالب. حين فكّر شاب من الأزهر بطريقة لم ترقهم، و تجرّأ و أعلن انه لا يتبع الاسلام بشكله الحالي، بل تهور و أعلن أنه ارتد عنه : طرد و كاد يقتل و يحقق معه الآن في مصالح أمن الدولة كأي مجرم أو ارهابي.

هل تعرفون أين يقيم فقهاء الإرهاب و منظريهم و دعاة التخلف و الرجعية و تكفير مواطنيهم المسيحيين و احيانا المسلمين على غير مذهبهم ؟ لا ليس في أمن الدولة و لا تحت حماية المجاهدين، هم ليسوا أخطر على هذه الأمة من كريم عامر و أمثاله، هم في أفخم الفنادق و القصور الملكية و القنوات الفضائية و أموال الشيوخ الجهلة تسيل كغيث من السماء.

تذكّرت الآن أنه كان بيننا رجل اسمه عبد الله القصيمي، و أنه لولا وسائل الإتصال الحديثة و لولا اقامته في مصر، لكان قد مات فعلا بعد موته،

2006-10-29

حقوق الانسان المسلم : العبودية ثانيا



ليس صحيحا أنّ الاسلام جاء ليحرّر الانسان من عبوديته لأخيه الإنسان و يخرجه من ظلالة الشرك بالله الرب الواحد إلى جنة التوحيد، و أنه حارب الرق و شجّع على عتق رقاب العبيد لأنه لم يكن بإمكانه أن يحرّمه نهائيا حرصا على عدم إحداث صدمة إجتماعية في مجتمعات تعتبر الرق أحد أهمّ مقوّماتها.

أوّلا حين نقول أن الله حرص على سلم اجتماعيّة و على مشاعر الناس (السادة) لاستمالتهم لدينه، الدين الحق الأوحد، فنحن نكذب كذبة سخيفة جدا جدا لا يمكن ان يصدّقها من احترم نفسه قليلا. الله لا ينافق يا سادة، و لا يجامل و لا يسنّ شريعته نزولا عند رغبة هذا او ذاك، هو ليس ملكا أو سلطانا تهمّه الطبقة العليا التي تحمي عرشه و تنشر دينه.

ثانيا عماد الدين نفسه، حجر أساسه، هو أن الاسلام دين توحيد و عدل و نور نظريا، و هذا ما نقوله في نصوص الانشاء، كلام جميل لنقنع أنفسنا و نتكيّف مع واقعنا، و لكنه أساسا عبودية بغيضة لكل الأوثان التي لم تتحطّم يوم فتح مكّة بل بدأنا نصنعها و نعبدها لنتقرّب إلى الله بها تماما كما كانت العرب قبل الإسلام (ما يسمونه الجاهليّة و الأصح علميّا هو ما قبل الإسلام).

أوّل هذه الأوثان التي لم يجرؤ أحد أن يحطّمها هو الحجر الأسود. و هو أقلّها وقعا و تأثيرا و نتائج كارثيّة، فليطف حوله ملايين المسلمين، لا ضرر من ذلك. ثانيها و هو ما ابتدأ نظريّا (و ليس لي دليل على ذلك بل و أشكّ في التوقيت ، فغالبا بدأت هذه الظاهرة بعد وفاة الرسول، لأني لا أعتقد أنه قبل بها في حياته أو علم بها ) ثانيها هو التبرّك بكلّ متعلقات الرسول، كلّها من ملابسه لشعرة من لحيته لمسجده و هكذا حتى صار قبره بعد موته محجّا للنّاس كالكعبة و حرما في نفس قدر الحرم المكي بل و قبل الحرم القدسي. إلى هنا و الأمر بسيط و عقائدي. المشكلة أن كلّ هذا مقدّمة لا بد منها للأوثان القادمة التي كرّست العبودية و أدّت إلى أن هذه الرقعة من الأرض اليوم هي و هي وحدها التي يتركّز فيها العنف و التخلف و الجهل و ملايين الملايين من الشعوب التي تعيش عالة على العالم لا تنتج شيئا و لا تقدّم في الغالب سوى الإرهاب (الصورة هنا مبالغ فيها، عنصرية ربما، لكن عزائي أني منهم و يحق لي أن أدعي ابني و أكره من يقول آمين )


الأوثان الأخرى التي تثقل عبوديّتها كاهل المسلمين هي القدسيّة التي أعطيت بأوامر الخلفاء و السلاطين و الشيوخ و السادة و من لفّ لفّهم على كلّ ما نقول أنه معلوم من الدين بالظرورة، على كل الخلفاء فلا يجرؤ أحد أن يكتب أنّ عثمان كان متعصبا لأهله و منحازا لأقاربه و مكّنهم من رقاب العباد حتى أنه حين قتل لم يدفن إلا خفية ذات مساء و قد هرّب أهله جثمانه تهريبا، هم العشرة المبشّرين بالجنّة مع كل ما في هذه الرواية من تناقض مع نصوص القرآن التي تؤكّد أنه لا يعلم الغيب غير الله و لا أحد غيره لا أحد و لو كان الرسول نفسه. الوثن الأكبر هو أبو هريرة الراوية الأشهر و الأكذب و الذي لازالت لعناته لليوم تطارد النساء لكره دفين بينه و بينهن جعله يروي أحاديث تحقّر من شأن المرأة أيما تحقير. فهي أغلب أهل النار و تنقض الوضوء و الصلاة كالحمار و الغائط.

لمجرّد أني أذكر أبو هريرة هذا أو غيره من "الصحابة" تمتنع أغلب المواقع التي تنشر لي عن نشر مقالي أو تعديله على الأقل. و ما دمنا عاجزين عن تحطيم أوثاننا فسنبقا عبيدا ليس لله و لكن لها و لكن لمن يستعملها من شيوخنا و حكامنا و أسيادنا. فهي سلاح رائع في ايديهم. يكفي أن تستعملها لتكفر المعارض لك. و ستجد شابا يافعا غسل مخه كما يجب يجري لينفذ الفتوى و يكسب الجنة و الحور العين التي حرمه هؤلاء الجهلة منهن في الدنيا.

هذه هي حقوق الإنسان المسلم التي ينادي بها، بل يصرخ و يتشنج و يحارب و يرهب اخواننا اياهم لأجلها. العبودية بمعناها تعطيل العقل و الايمان الأعمى. الإيمان تعريفا هو أن تصدّق الشيئ بدون برهان علمي. العبودية تذهب إلى أكثر من ذلك، هي أن تسلب الانسان ارادته و حريته بحيث أن دينه و فكره سيكون على دين و فكر سيّده و الاّ كان الموت نصيبه، و ما اختراع حد الردّة الذي لا وجود له في صحيح الاسلام الاّ لتكريس هذه العبوديّة.

ليست مصادفة أن كلّ الذين يعلنون أنفسهم بأنفسهم شيوخا و مدافعين عن "صحيح" الإسلام هو من أشد أعداء قيم المواطنة و الحريّة و المساوات بين كل الشركاء في الوطن. فهذه المفاهيم "الغربيّة" كافرة، و هي، و هذا اهمّ شيئ، الباب الذي ستدخل منه كلّ الفؤوس التي ستحطّم أوثانهم. و هم مستعدّون للموت من دون أوثانهم. و ليست مصادفة أن يقتل فرج فودة و يطلع علينا في الجزيرة (مرة أخرى هي) من يقول رحم الله من قتله. و ليست مصادفة أن يطعن نجيب محفوظ. فكلّما قتلت مفكّرا حرّا توقّف غيره عن الكتابة أو هكذا يتصوّرون. و خوفهم من الفكر هو خوف الخفافيش من ضوء النهار، لأنه أعلم الناس بهشاشة أوثانهم، و لكن كلّما زادت هشاشة الفكرة، زاد إرهاب اصحابها في الدفاع عنها

2006-10-28

حقوق الانسان المسلم : التخلف أوّلا



أكاد أقتنع يوما بعد يوم و بالدليل القاطع أن الانسان العربي المسلم متخلّف جيتنيّا بطبعه. و إن كان التخلّف بكلّ تجلياته سمة واضحة في الشرق عموما، يطال العرب و الكورد و الأمازيغ و غيرهم، مسلمين كانوا او مسيحيين او يهودا أو حتى بوذيين لو وجدوا، و لكن العربي المسلم تحديدا يمتاز بأن كلّ عوامل التاريخ و الجغرافيا تكاتفت لتسجنه في سجن كبير اسمه أغلال القيم البالية و عقليّة التمسّك بها حتى الموت و محاربة كلّ من نادى بنقدها. تجعله الوحيد الذي تنادي فئة منه برفض الحريّة و الديمقراطية و حقوق الانسان الكونيّة و ابتداع بدلا منها حقوقا للانسان المسلم تجعل منهم في النهاية استمرارا لما كان عبر عصور الانحطاط : عبدا متخلّفا لا عقل له و لا كرامة يقدّس أوثانه و يرتع غيره في خيرات بلده.

عاملان رئيسيان ساهما في رقي الجنس البشري من مرتبة الحيوان و انتقاله إلى مرتبة الانسان و سيادته على الأرض : التكيّف مع الطبيعة لضمان حياته، و تغييرها و التحكّم فيها و استغلالها لضمان رفاهيّته. و منذ انهيار الامبراطورية العربية الاسلامية، تخلّى العرب المسلمين عن كل فطرة للتغيير و رفض الواقع و استسلموا للغزاة و للطبيعة القاسية التي قست عليهم يوما بعد يوم، صار التكيّف هو القاعدة، و الجمود هو وسيلة البقاء على قيد الحياة. و البقاء على قيد الحياة وسيلة لضمان الجنة في العالم الآخر و لا شيئ أكثر. و هذا الحل الغيبي، الفردي في النهاية هو الباقي الى حد الآن و عندكم الحركات الجهادية و الاحزاب الاسلامية السياسية تأكد ما أرمي اليه.

هو حل فردي لأن مفهوم الدين و الحساب و الثواب و العقاب فردي، حتى و لو مورس الدين جماعيّا، و غيبي لأنه يستمدّ وجوده من نصوص سماويّة لا مجال لمحاولة فهمها أو ايجاد منطق لها أو مناقشتها، فالله الذي خلقنا أدرى بمصلحتنا منا و لا يجوز لنا سوى ان نصدّق أن ما في هذه النصوص (قرآن، أحاديث قدسية، أحاديث نبويّة ...) هو كلامه الذي وصلنا سليما غير محرّف و علينا أن نطيعه، حتى و لو كان من صنف ارموا انفسكم في البحر. لازال هناك من نخبنا، و من قضاتنا و من مفكرينا و "علماءنا" من يؤمن أنه لا مجال للشك في زواج الشياطين من نساء الأنس و أن الزوج لو أتى زوجته دون أن يستر عورتها فالشيطان شيباشرها معه و يكون ابنه مشتركا بينهما. و الموضوع منشور في كبرى الصحف المصرية و القومية. لازال هناك من يقول بأهميّة حفظ الانساب و تعدد الزوجات و الطلاق الذي بيد الرجل وحده لحفظ كيان الأسرة، مناديا بالغاء مجلّة الأحوال الشخصية التونسية و التي تعتبر و موضوعيا أملا و هدفا لكل نساء هذا الشرق، و هذه الأخيرة كانت من ضمن ردود السيد بريك (هو نفسه الذي ينشر أن الحجر سيقول يا مسلم هذا يهودي وارئي فاقتله) ضمن حملة الحجاب المباركة.

ما يكتب عن الحجاب و النقاب نفسه و طريقة تناوله دليل آخر على أن حقوق الانسان المسلم هي فقط حقه في طاعة أولي الأمر منه، ترهيبا و ترغيبا و ضربا على المؤخرة بعصي ميلشيات الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر. بقدرة قادر تحوّل زي دخيل، و أكررها دخيل إلى : زي تقليدي تونسي، شرعي، أمر رباني تلبسه الحرائر، لا يحق لمخلوق مناقشته أو مناقشة مولانا الامام فيه. و إن فعل فهو : كافر، جاهل، متواطئ مع الحكومة، أو ليس برجل اذ يرضى أن تكون أمه أو أخته لحما مكشوفا (و هذا ما قاله مفتي استراليا أدام الله عزه عن كل امرأة لا تلبس هذه الخرقة).

حريّة الانسان المسلم هي فقط كما قال محمود درويش حريّة المساجين في تنظيف أعلامهم من براز الطيور و حقوق المرأة المسلمة هي حقّها في طاعة زوجها لا شيئ أكثر.

لذلك، و على صدى هذه الحملة المباركة التي يتصور أصحابها أنها الغزوة التي ستغير مجرى التاريخ، أبارك مسبّقا لرجال تونس عودتهم لحضيرة الايمان و لشرقهم البائس، عفوا، الروحاني، الغارق في تخلّفه الذي يسمّى تراثا. فالجماعة تنادي من الآن بالغاء مجلة الاحوال الشخصية، أولا و قبل كلّ شيئ. و تحارب لأجل حقوق الإنسان المسلم، و ضع سطرا تحت مسلم، فحقوق الأنسان كما نعرفها لا تصلح لنا و ليست من شرع الله في شيئ، كما يراه اسلاميونا على الأقل، لذلك فتح الله عليهم بحقوق الاسلام المسلم و هي حقوقه في اقامة شعائره و تغطية جسد امرأته حتى لا تكون لحما مكشوفا و لا شيئ أكثر.

و بشراكن يا حرارئر تونس فالذي تنادي به بعضكن اليوم بصفته حريّة شخصيّة، سيفرض على الجميع غدا و بالقوّة ، فالإمام لا يرضى لكن أن تدخلن جهنم و بئس المصير و هو العليم بمصلحتكن و بشرع الله و هو الذي يحميكن من غزو الغرب الكافر الثقافي الذي يسقط يوما بعد يوما في الحضيض. و على كلّ حال فقد بشرنا الرسول أنه سيأتي يوم يسود في اسلامنا العالم و نقضي على هذا الغرب الكافر حتى يأتي يوم يقول فيه الحجر يا مسلم هذا يهودي يختبئ ورائي فتعالى و اقتله.

ابقوا قابلوني.



ابقوا قابلوني.

2006-10-26

mi son scordato lo sai

2006-10-23

toxic !!!!!

2006-10-17

true colors



2006-10-16

الإرهاب و الحجاب و حفرة طالبان



خلال أمسية أقيمت بمناسبة مؤتمر لمنظّمة الصحّة العالميّة بالرّياض سنة 2000، روى علينا المدير الإقليمي للمنظّمة ساعتها وقائع رحلته لإفغانستان كمبعوث للإمم المتّحدة، و كان من أطرف ما رواه و أعجبه، بالنسبة لي على الأقل، أنّه حين أراد قضاء حاجته، أدخلوه إلى مكان ما في الخلاء، كلّ ما وجده هناك : حفرة. فطالبان لم تكتفي بمنع الضحك بعد أن منعت الغناء وفرضت النقاب و البرقع و منعت النساء من العمل إلا العمل كمتسوّلات، و ألزمت بقوة ميليشيات الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر تطويل اللحي طولا معيّنا قدوة بما يعتقدونه سنّة نبويّة، يبدوا أنّهم كذلك فرضوا الاقتداء بالسلف الصالح حتّى في طريقة قضاء حاجتهم، ذلك أنّهم قديما كانوا يتبرّزون في حفرة في الخلاء حين يسدل الليل أستاره.

تذكّرت هذه الواقعة، و قد رواها لنا شاهد عيان عاشها بنفسه و لا أعلم له مصلحة لاختلاق الأكاذيب، تذكّرتها و أنا أقرأ بعض ما أثير مؤخّرا بمناسبة غزوة الحجاب المباركة التي تشنّها أصوات خلناها اختفت و اندثرت أو على الأقل راجعت قناعاتها و أساليبها العقيمة للدعوة لأفكارها المتخلّفة. فلسبب ما، تعالت أصوات الناطقين الرسميين باسم الله المالكين للحقيقة المطلقة مدافعين عما يعتبرونه زيا شرعيا و ما يتباكون بسببه مما يقولون أنّه هجوم للحكومة التونسيّة او محاربة له و ل"حرائر تونس"، ذلك أن الحجاب من القرآن و أمر إلاهي لا يملك مخلوق مناقشته و من حاربه قد حارب الله و أنكر القرآن فهو كافر و وجب محاربته و استنصار المسلمين عليه، و هنا ظهر للوجود شيئ إسمه لجنة و عالمية، لمذا ؟ لمناصرة الاسلام في تونس. هكذا.

حسنا، إن كانت المحجّبات الّلواتي يتباكون لأجلهنّ و لأجل لباسهنّ الشرعي، هنّ حرائر تونس فمذا تكون أغلبيّة التونسيّات اللّواتي لم و لن يلبسن هذا الزي الطائفي، الدخيل و السياسي بامتياز ؟ هل هنّ إماء ؟ أو لعلّهنّ قحاب ؟ أو ليس ذلك ما يلمّحون له. لست دستوريّا و لا تجمّعيا و لا يهمني من أمر الحكومة شيئ، و لكني أكتب باقتناع، فهذا الزي المستورد زي طائفي بامتياز و الجميع يعلم ذلك، لا علاقة له بتونس و الجميع يعلم ذلك في تونس على الأقل فقد يختلط الأمر على غير التونسيين و التونسيات، و لكنّنا نعلم متى و كيف ظهر و لمذا يرمز. ثم لم يمنع أحد أحدا ما أن يلبس بالطول الذي يريده و حتّى أن يغطّي شعره، فلمذا الإصرار على هذا الزي بالذات، و الإصرار على الصدام بهذه الطريقة السّقيمة التي تدعوا للرثاء ؟

لن أعود لمناقشة الأدلّة الشرعيّة من القرآن بل و من السنة نفسها التي تثبت أن هذا الزي دخيل على الإسلام فالدراسات العلمية و الجادة متوفّرة للجميع، و هذا ما يراه القرآنيّون و حتى بعض رموز المذهب السلفي و ليس آخرهم الدكتور حسن الترابي. و لكن في كلّ الحالات هناك خلاف و لو بين أغلبيّة و أقليّة. أليس هذا أدعى لأن لا نصرخ و نبكي و نكفّر من لا يقول بوجوب هذه الخرقة التي نختصر المرأة فيها فإن لبستها فهي حرّة عفيفة و مؤمنة ؟ و مذا لو لم تلبسها ؟ أليس هذا اكراها معنويّا و أنتم لا تملكون قوّة تفرضون بها ما تريدون ؟ فكيف الحال لو كان لكم ميليشيات أمر بالمعروف و نهي عن المنكر، و هذا أوّل ما ستفعلونه بالتاكيد لو لا قدر الله مكّن لكم ؟ فلمذا العويل و التباكي عن حقوق الانسان المهدورة ؟ لمذا لا تكونون صرحاء مع أنسكم و تتوقفوا عن نفاقكم ؟ و منذ متى اهتممتم لحقوق الانسان ؟

أو ليس من حقوق الانسان الأساسية حريّة المعتقد و الدعوة السلمية للمعتقد مهما كان ؟ طيب اعلنوا علنا انكم لستم ضد التنصير و لا ضد الفكر الالحادي او اللاديني و أنّ فتوى اهدار دم سلمان رشدي باطلة لكي نصدّقكم. حريّة الانسان لا تتجزء، لكنكم تأخذون منها فقط ما يناسبكم، بل اكثر من ذلك، قرأت لأحدكم ما يقول أنه اعلان عالمي لحقوق الانسان المسلم، على اعتبار يعني أن على رأسه ريشة، و مذا كان في هذه الحقوق الخصوصية و التي اعطيتموها لأنفسكم ؟ أنه لا يحق لأي نظام وضعي أن يفرض عليه ما يتعارض و معتقده، يعني مثلا و ليس حصرا، المسلم الذي يعيش في أوروبا من حقه قطع عمله خمس مرات للصلاة ، و العمل نصف وقت في رمضان، و لما لا نكاح ما ملكت ايمانه، و هذا ما حدث في امريكا فعلا حيث قضية مرفوعة على سعودي اعترف بمعاملة خادمته الفيليبينية التي استقدمها معه من السعودية كالعبيد و بدون أجرة و استغلالها جنسيا. الامثلة كثيرة و أغلبها مثير للشفقة قبل السخرية، و لكن تلك هي أدبياتكم التي تجعلكم آخر من يتكلّم عن حقوق انسان ، و عن ديمقراطية أو انتخابات، لأنكم و بكل الحالات لن ترضوا بغير افكاركم المنزّلة من السماء و التي من يعاديها يعادي الله نفسه، ألا تطلقون رويبضة و عدو الله و عميل الخ على كل من ينطق بحرف لا يروق لكم ؟ أو ليس هذا ما نال الدكتور خالد شوكات لمجرّد أنه كتب شيئا من الحقيقة عنكم ؟

تبقى مسألة نصرة الاسلام في تونس، و هي التسمية التي تلقفتها قناة الجزيرة (مرة أخرى هي) لتجعل مها عنوانا رئيسيا و كأنّ الشخص الذي أسس هذه الجبهة يمثل شيئا ذا بال في تونس، و ندائه لعلماء المسلمين الذين لو كان فيهم خير لنفعوا بلدانهم الغارقة في الجهل و التخلف بدل التطاول على تونس، و لنصحوا مجاهديهم الأشدّاء على الكفّار من العراقيين و الشيعة و الرحماء فيما بينهم و بين الأمريكان بدل استعدائهم على تونس و هم من ألفهم الى يائهم لا وزن لهم. بربّكم أي علم يحملون ؟ رياضيات، فيزياء ؟ فلك ؟ جيولوجيا ؟ وجدوا حلولا للعطش الذي يقصم ظهر شعوبهم أو للمرض الذي يقتل أطفالهم ؟ صعدوا للقمر بعلمهم أم ثقبوا ابرة حتّى ؟ أي علم هذا ؟ البخاري ؟ صدقا لا رغبة لي في الضحك، فأرجوكم أفيقوا يرحمكم الله. أنتم مجرّد فزّاعة لا تخيف أحدا، لكن يبدوا أن هناك من لازال يرغب في استعمالكم.

ردود أفعالكم ارهاب فكري و معنوي، و لا تبعد كثيرا عن حفرة طالبان المذكورة أعلاه. تريدون أن لا يلتفت أحد لهذا الشكل من اللباس، ارفعوا ابديكم عنه، تريدون حرية الملبس، فلا يطالب أحدكم بمنع المينيجيب أو البيكيني، تريدون حقوق الإنسان، فلتكن كاملة للجميع كما وردت في الاعلان العالمي بدون تغيير تحت أي مسمّى لا خصوصية ثقافية و لا دينيّة، و بدون إستثناء فتتساوى المرأة في الإرث مع الرجل، و لكن هيهات أن تفعلوا، وجودكم نفسه مبني على هذه الخصوصية و القراءة المتخلّفة لنصوص أثريّة من طراز عذاب القبر و الثّعبان الأقرع، و على فكرة، ليس صحيحا أن انتشار الحجاب عائد لوعي ديني، بل لانتشار القنوات الفضائية المتخلّفة و أشرطة عذاب القبر و الشيوخ المودرن من أمثال عمرو خالد، فلا تحسبوا ذلك عودة لكم،

و مرة أخرة أفيقوا يرحمكم الله، لن نعود لقضاء حاجاتنا في الحفر و لو أتيتم بألف نص


2006-10-10

فجر

في الفجر يرتدي البحر
ثوبه الأزرق
و يصحوا ثقيلا ثقيلا
يودّع هزائم الأمس.
***
سأشفي غليلي منك أيها اللّيل
حين تطاوعني لغتي فأقتبس
لي دورا في الفصل الأخير من الأبديّة
***
سألعن الجسر ما استطعت
لنوره سبيلا و امتطي الخيل القادمة
على حوافر الأبجديّة
***
سأسرج لظلّي فرسا من سحاب
و أصحب لغزي شطر الجواب
بريش نوارس سماويّة
***
و عند الفجر
يضيئ نجم تباطئ عن قافلته
ليسبح في ندى بحيرة قزحيّة
***
(على بعد طيفين مني ينطفي قمر
فيستلّ منّي دمي زنبقة
و يضيئ بنورها مكانه شمسا)
***
النهر وهب لمن يتقنون الحقيقة
***
و البحر يفتح ذراعيه عاليا وعاليا
و عاليا
***
و الصمت موت لوخز الحروف التي
اتّخذت من مسامّات جلدها الخيالي
واقعا و واقعا
و واقعا
***
و الفكرة انبعثت خلقا
يسيل مرمّما تشقّقات الأرض التي
صرخت : أغيثوني
هبوني دفئا و حياة
و ولّوا وجهي
شطر النخلة الشرقي يتساقط
ثمر رحمي يافعا و يافعا
ويافعا
***
(على بعد حقيقة منّي
يمارس وخز حروفي تغيّرا ليرسوا
على هواء خفيف يحمل فوقه نورسا
يغفوا قليلا و يحلم بالبحر)
***
الفجر
صلاتي و قيامي
و أولى الدلائل
لحلّ لغز الشعر

2006-10-05

هل تريد اسلاما على مزاجك؟



هل تريد ان يرتفع ضغط دمك و تصاب بمرض صدري أو نفسي و تفقد كل أمل في انصلاح حال هذه الأمة؟
حسنا،
يكفي أن تقرأ تعليقات القراء على مواقع بعينها و خاصة منها موقع العربية. ستجد هناك ما لا يمكن تصديقه من خليط غريب لعنف و غباء و تخلف و تحجر يميز أغلبية ساحقة من التعليقات. و لا أدري لما تكون تعليقات القراء و نتائج الاستفتاء على العربية و الجزيرة غارقة في اتجاهها السلفي نحو العنف في حين تكون تعليقات قراء ايلاف و نتائج استطلاعاتها أكثر اعتدالا و واقعية.

فمثلا لو نشر بالصدفة تعليق لمواطن ينتقد مغالطات يراها في مقال لفهمي هويدي، فسرعان ما تنهال عليه الشتائم من صنف
انت مين يا جاهل عشان تعلق على كلام فهمى هويدى
أو
اسلوب فهمنا للدين ليس بخاطري أو خاطرك أو رغبتي أو رغبتك عندها يمكن لك ان تصنع لك ديناً ورباً كما تريد بل الدين له شريعة لا تفترض التأويل والتأويل لا يسعى اليه الا من يريد أن يحرف الكلام عن موضعه

مذا يمكن أن تجيب من يتهمك بخلق الاه أو دين على مزاجك فقط لأنك حاولت أن تفهم بطريقة مختلفة عن السائد؟ و كيف يمكن أن تناقش من يأله هويدي أو القرضاوي أو أي عالم ديني و يتهمك بالجهل لو فضحت مغالطاتهم و انتقدت أهدافهم و رسائلهم؟ والى أين تسير مجتمعات بمثل هؤلاء قراء؟

هل تقول لهم بل أنتم من تفرضون اسلاما على مزاجكم؟ ستكون وقعت
في نفس الفخ. مع أن الأدلة على ذلك و على تناقض فهمهم للاسلام موجودة في نصوص القران بل و نصوص السنة نفسها التي يقدسونها و يقدسون البخاري أكثر من القران أغلب الأحيان. المفروض أن الاسلام دين توحيد و دين نور و رحمة و عدل للعالمين. عندهم الاسلام دين ظلمات و سيف و ارهاب و جهنم التي أوقدت الاف السنين حتى احمرت فابيضت فاسودت و قسمت بين اليهود و النصارى و المشركين و جزء كبير من المسلمين

ثقافتهم حريم و ما ملكت ايديهم و دم فعذاب قبر ثم حساب و لن ينجوا غيرهم. و لا سبيل لنقد حرف من كل ذلك. اصرخ أن عذاب القبر اسطورة فرعونية مدسوسة على الاسلام كختان الاناث مثلا و برهن على ذلك بالقران، فلن يسمعك أحد، و ان سمعك سيرجمك. قل أن الرجم و قتل المرتد بدعة سياسية فسيتم تكفيرك.

لطالما تسائلت لما؟ لما تعتمد أدبيات الجماعات الاسلامية و عقيدتهم على كل هذا الكم الهائل من المغالطات و البدع المتمثلة في فقه البول وعذاب القبر؟ ربما لأن تلك هي وسيلتهم الوحيدة للتجنيد عبر غسيل المخ، و الا لما وجدوا كل هذا العدد من الانتحاريين

خذ مثلا اصرارهم على محاربة كل مظاهر التحضر، تحريمهم للفن، فرضهم للحجاب، مع أن المسلمات كن يتوضئن في المسجد النبوي مع الرجال قبل الصلاة في عهد الرسول و بعده، يعني كن سافرات، و لكن وقع التقاليد و العادات التي استمرت مئات السنين و تفرض اليوم فرضا بمئات الملايين من دولارات البترول أقوى من الحقيقة و من العقل،

فمن منا الذي يخترع اسلاما على مزاجه و يمارس الارهاب بكل أشكاله؟

هناك مثل أكرهه يقول اذا البيت خرب خذ لك منه طوبة، أعقد أن كثيرين من كتابنا و علمائنا لو كانوا فعلا علماء لا يخجلون اليوم من لم الطوب بينما البيت بصدد الوقوع و كله بثمنه، و هذه غمزة لمن يهمه الأمر

2006-10-01

عري


تاريخ الإنسان هو أيضا تاريخ عريه. سواء أكان واضحا ناصعا كالشمس، أو متخفيّا خلف أستار من نور القمر، بريئا ملائكيّا يلامس الطفولة أو يتّقد رغبة تعجّ حياة أو عهرا، فائق الجمال كامل الأوصاف و كأنّ أنامل الربّ هي التي نحتته و نفخت فيه من صورته فعلا كما في نحت داوود الأشهر عبر العصور لمايكل أنجلو أو مشوّها سرياليا غامضا تكمن في طيّاته حكايات المرايا كما في رسوم بيكاسو، لا شيئ، لا شيئ يزعج أو يحثّ على الحلم، على التفكّر أكثر من جسد عار.


كانت الكعبة محجّ العرب منذ الأزل، يقول الأثر أنها صورة للبيت الذي في الملكوت أنزله الله لآدم حين أنزله الأرض، كان سقفها ياقوتا ارتفع إلى السماء ثانية بعد موت آدم. على مرّ العصور حفلت بنحوت و صور لكل من التمس فيه العرب تقرّبا لله، من صالحين و من أنبياء، كان فيها صورة العذراء مريم مثلا، و كان في جوارها من ناحية الصفا نحت لنائلة الجرهمية. أساف و نائلة من آلهة العرب، و يقول الأثر أهما عشيقان من مكّة مارسا الحب في جوف الكعبة نفسها فحوّلهما الله الى صنمين من حجر كعبرة، لكنّ العرب عبدتهما، في ذلك أكثر من سؤال. نائلة كانت جميلة ، كما كلّ آلهات العرب، لا يذكر شيئ هل كانت صور الآلهة على جدران الكعبة أو نحوتهن داخلها و خارجها كانت عارية، و لكنّ الأكيد أن هناك من العرب من كانوا يطوفون أحيانا عراة تماما حول الكعبة كرمز لتطهّرهم من متاع الدنيا و آثامها. فالمنطق يقول إذا أنّ العري لم يكن له وقتها منزلته عندنا اليوم و لا تحريمه، بل أقرب للفطرة و لطبيعة الإنسان ممّا لا يجعل من الغريب، بل ربّما كان أقرب للظن أن آلهة العرب كانت في صور و نحوت عارية أو شبه عارية.

مع دخول المسلمين مكّة و تحطيمهم كل الأصنام و مسحهم لكلّ الصور، اختفت أحدى أهم أوجه الحضارة عن هذه البقعة من الأرض، و أعني التصوير و النحت. لكنّنا لسنا كلّ الحضارة و لا كلّ الأرض. نحن جزء بسيط من تاريخ البشريّة، و إن كنّا خارج هذا التاريخ من زمن. الصور الشعريّة و الأدبيّة حلّت محل الصور المرسومة أو النحوت. و من الروايات التي تذكر عري الرسول مثلا حين يغتسل و كيف يفعل ذلك، أو حين كان صبيّا في اليمن و سابق سباحة أقرانه بعد أن نزعوا ملابسهم طبعا، إلى أشهر أشعار العرب في الغزل و الحب و وصولا و ليس انتهاء بألف ليلة و ليلة، كان للعري نصيب وافر، طبيعي ، ليس نشازا و لا يمتعض منه أحد و تلك طبيعة الأمور. حتّى سقطت هذه الحضارة في براثن المغول و استيلاء الأتراك على الخلافة و انتصاب عصور الانحطاط و الملابس السوداء و ثقافة الخصيان و الحريم التي اتحفونا بها، و لازلنا بكل سذاجة و بلاهة نلصقها عنوة للحضارة الاسلامية بل و أحيانا للإسلام نفسه و لأصول الدين نفسها.

مع هذه المقدّمة التي آسف لطولها، و لكنّي رأيت أنها قد تساعد على فهم هذا النداء عبر هذه الرسالة المفتوحة التي اوجّهها لكل فنّانات القبح و أقصد المحجّبات العائدات مؤخّرا للعمل الفنّي بعقدهنّ و تخلّفهن و تشويههنّ للفن و افراغه من كلّ مظمون : أرجوكنّ قرن في بيوتكن و حلّوا عن سمانا. هي موش ناقصاكم.

فالتي اغترفت من أموال الفن و تكسّبت من شهرته ، ثمّ لسبب ما أرادت أن تتحجّب و تعتزل و لها كلّ الحق في ذلك، فلتفعل ذلك في صمت لو كانت تبغي وجه الله تعالى حقّا. أمّا أن تعلن ذلك في مؤتمر صحفي، و ترتع بين كل المحافل الاعلامية لتبكي و تذرف الدمع ندما عن اعمالها التي قدّمتها محرّمة للفن (و قاطعة أرزاق أناس يعملون معها أحيانا) فذلك ما لا أفهمه و يدعوا للتساؤل. لكنّ عودتها بعد هذا الغياب مرّة أخرى لنفس الوسط، و لكن بضجيج أكثر من تافه هذه المرّة عن شروطها للسيناريو و المخرج و المنتج بل و حتى ملابس زميلاتها في العمل على اعتبارها ملاكا منزّلا من السماء و حامية حمى الأخلاق و الدين فذلك ما لا يجب أن يمرّ مرور الكرام.

هناك نيّة مبيّتة للقضاء على كلّ أشكال الحضارة التي اتّخذت لها مكانا في القرنين الأخيرين عندنا، و عودة الفنّانات المعتزلات المحجّبات هي احدى اشكال و اسلحة هذه الخطّة المموّلة بمليارات الدولارات
(و أعتذر هنا لمنطق المؤامرة). أساسا لم يعد شيئ يستحق المشاهدة إلاّ ما ندر، فلا داع لأن نمجّد السينما الايرانية التي لم يعقها الحجاب، أي حجاب هذا الذي لم يعق تفوّق هذه السينما و أيّ تفوّق مزعوم هذا، نحن بهذا الشكل نلّمع صورة نظام دكتاتوري قروسطي تيوقراطي، و إن كان أكثر ديمقراطية من نظمنا لاعتماده انتخابات حرة، لكن الانتخابات ليست الديمقراطيّة، هي فقط وسيلة، و الفقيه في ايران له الكلمة العليا لأنه آية الله و ظلّه في الأرض و لتذهب الانتخابات الى الجحيم، فوحياة أبوكم لا يكلمني أحد عن ديمقراطية و تفوّق سينما ايرانية بحجاب.

الشعوب تخطئ أحيانا، و الحضارات تندثر، و ترزخ الأمم لدهور طويلة تحت ليل دامس لا تجد فيه أثر لعدل أو حب أو حياة أو جمال أو عري، فنحن خارج التاريخ، و تاريخ الإنسان هو أيضا تاريخ عريه.