حين يصير الدين حديث الجهلة
لكن ضد من ؟
كان واضحا أنه ثمة إيمان أعمى بوجود عدو مجهول و مؤامرة، تهديد ما و دفاع مستميت عن الهوية، و لكن دون إدراك أو تعريف لهذه الهوية.
لم أفاجأ كثيرا لذلك و توقعته بعد ما لاحظته من أسلمة حثيثة و على قدم و ساق للمجتمع، و أن ينسجم مثقف أو متعلم و لو كان مدرسا بالجامعة مع نبض مجتمعه ليس بالأمر السيئ بالضرورة. في النهاية لا شيئ سوى أشرطة الدعاة الجدد و القدامى و قنواة الدين و الشعوذة و كتب أهل السنة و الجماعة الأنيقة الإخراج و المعقولة الثمن.
لكن جملة واحدة قلبت كل المعطيات
قال لي أحدهما، الله هو من يحكم. لا أحد يحق له الحكم إلا الله.
هنا يجب أن نتوقف قليلا و كثيرا بل لا نبرح المكان حتى نفهم. ما الذي يجعل شابا في وضعية اجتماعية حسنة و مدرسا بالجامعة ، ما الذي يجعله يتبنى عقيدة الحاكمية، أسوأ و أخطر ما يحرك الجماعات الإسلاموية ؟
أولا كان يمكن أن أفهم أن الله يشرع و ليس يحكم. ثمة فرق بين التشريع و الحكم. لكن أن يعوض الله رئيس الجمهورية أو السلطة كلها لحكم هو بنفسه، على حد علمي المتواضع هذه لم تحدث منذ نزل آدم أو هبط إلى الأرض. إذا الفكرة نفسها قمة في الغباء و الإستبلاه. الله لا يحكم، و لم يحكم، و أمور الحكم و السياسة من زمن آدم لليوم تكون بيد أحد أبناء آدم. لنقل أن المقصود هو التشريع و ليس الحكم.
حسنا، يعني أنه يجب تحكيم الشريعة.
طيب ما هي الشريعة وكيف نطبقها.
لا أطرح سؤال لمذا أو مذا سنكسب لو طبقناها، لأنه سؤال لا معنى له بالنسبة له، الشريعة ربانية، هل تناقش الله في أوامره ؟ لا طبعا. إذا ما هي هذه الشريعة و كيف نطبقها ؟
هنا تحولت الدردشة لحوار لولا متانة علاقة الصداقة بيننا لانتهت بشجار. طبعا كان اعتقادهما هو ما يتكرر بدون انقطاع و كأنه حقيقة مطلقة من أن الشريعة هي القرآن و صحيح السنة. هنا يجب أن نتخلى عن كل ذرة عقل و منطق لنصدق أن هذه السنة كما وردت في الصحاح تشريع إلاهي. ما كنت متأكدا منه و وجدته فعلا أن صديقي لم يطلعا على كل ما جاء في البخاري مثلا، و لم يسمعا لا بفتاوى إرضاع الكبير و لا بول الرسول. هما يدافعان عن دينهما كما يرنوه و يكذبان كل حديث آتي به لهما من البخاري. دون أن يدركا أنهما هكذا ينكران السنة، و يدافعان عن اسلام تخيلاه
باتت عندي قناعة أنه كلما زاد دفاع المؤمن عن عقيدته كلما كشف ذلك جهلا بتلك العقيدة نفسها أو بالمعرفة المطلوبة لتبني فكرة ما عن تلك العقيدة. لا شيئ يتكرر في القرآن قدر يا بني إسرائيل أو آل عمران. و لكن كم من المسلمين قرأ التوراة أو أحد الأناجيل أو التلمود؟ قرأه بنفسه و لم يكتفي بما قاله له شيخه عنها أنها محرفة؟ إن كان كل المسلمين الذين ناقشتهم لم يقرؤوا البخاري كله و أكتفوا بالأحاديث التي لا تشكل خطرا على إيمانهم. لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه. هل ثمة شك في سمو معاني هذا الحديث ؟
و لكن،
و لكن البخاري مليئ بالتناقضات و الخرافات و أحاديث تناقض القرآن نفسه، و أحاديث تناقض بعضها البعض، و أحاديث تسيئ لهذا الدين أو ربما كانت تلك حقيقته، دينا إرهابيا.
كلما تكلم أحدهم بمفردات عقود الأنوار و حقوق الإنسان عن الإسلام فاعلم أنه جاهل بالإسلام أو مزور له. لا توجد حرية في الإسلام، لا توجد مساواة، لا بين الرجل و المرأة و لا بين المسلم و غيره، و لا حتى بين المسلمين أنفسهم. لا توجد ديمقراطية و لا انتخابات و لم يختر المسلمون يوما من يحكمهم. لا يوجد وطن أو مواطن، بل أمة و عقيدة، عقيدة دموية مستمدة من أسوأ ما تقيأته اليهودية التلمودية الحاخامية المتصحرة، تقتل من يخرج منها حتى و إن دخلها بدون إرادته بل فقط لأنه ولد مسلما. عقيدة تقتل تارك الصلاة، و قد تقتل تاركة الحجاب بفظل استسلام الجميع لهذا التطرف الذي يبتلع آخر واحات الحضارة واحدة تلو أخى.
عقيدة تعامل أتباعها كالأنعام فتحلل ضربهم ليحثوا الخطى للمسجد، و هذه رأيتها بأم عيني في السعودية عقيدة تحلل رجم المغتصبة و تحكم ببراءة الرجل لو قتل أخته أو زوجته لأنه شك في سلوكها. عقيدة مريضة تحتاج إعادة كتابة لأن مرضاها خطر على الحضارة.
لكن طبع العناد كان غالبا، لحسن الحظ أنكر صاحباي كل الأحاديث التي ذكرتها لهما من البخاري، متمسكان بإيمانهما باسلام معتدل لا يناقض العقل و العلم، ، اسلام على الفطرة، و الفطرة تقول أن الله عادل و أن الرسول لا بقتل الأسرى و لا يسمل أعين من سبه و لا يطوف على نسائه التسع في ليلة واحدة و قد أوتي قوة 30 رجلا. ليس لأنه لم يكن ثمة فياغرا زمنها و لكن لأنه على من يحترم نفسه و يحترم دينه فعلا أن ينكر كل ذلك رغم أنه في صحيح البخاري أصح كتاب بعد القرآن.
و لكن كم عدد الذين لن ينكروا حرفا و يستمرون دفاعا
عن حمق أو عن جهل